تتعرّض الجزائر لأنواع من المخاطر الطّبيعية، حصرها المختصّون والخبراء في 10 مخاطر من بينها الزلازل، الأخطار الجيولوجية، الفيضانات، حرائق الغابات، تقلّبات الطّقس والأخطار الصّناعية، قد لا تتحوّل إلى كوارث على البشرية والمحيط، لو تمّ التعامل معها من قبل السّلطات بآليات قبلية وليس بعدية مثلما يحدث في أغلب الأحيان.
ويتّفق الخبراء على أنّ الجزائر عملت كل ما في وسعها من أجل مجابهة الكوارث بشكل أكبر منذ الثمانينات، وعزّزت جهودها بعد زلزال بومرداس، حيث حرصت على إيجاد الإطار التّشريعي لإدارة أحسن لمثل هذه المخاطر، كان أهمّها القانون رقم 04-20 المؤرّخ في 25 ديسمبر 2004، الذي وضع الوقاية من الكوارث وتسييرها في إطار التّنمية المستدامة.
ولكن رغم وجود هذه القوانين، مازالت تلك الأخطار تخلّف خسائر في الأرواح والممتلكات، إذ صرفت الجزائر من 2004 إلى 2019 ما لا يقل عن 545 مليار دينار لتجاوز مخلّفات الزّلازل وحرائق الغابات، أما الفيضانات وحدها، فقد كلّفت 374 مليار دينار، ناهيك عن تسجيل آلاف القتلى والضّحايا، قد يكون وراء ذلك بسبب التّأخر في تحديد آليات الوقاية ومجابهة كل هذه المخاطر، عن طريق إصدار المراسيم التّنفيذية الخاصة بالقانون السّالف الذّكر، فمن مجموع 30 مرسوما تمّ إصدار 4 فقط، يفترض أن تحدّد آليات الوقاية ومجابهة كل المخاطر المهدّدة لأرض الجزائر وتحديد مسؤوليات كل طرف، كما أنّ التأخر في إصدار هذه المراسيم عرقل إدراج الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الكوارث الكبرى ضمن مخطّطات التّنمية على المستوى المحلي.
ويبقى عدم تطبيق القوانين مشكلا عويصا يهيّئ الأرضية لوقوع المزيد من الكوارث، فتقرير وزارة السّكن يشير إلى بناء مشاريع عمومية دون رخص بناء، من بينها مشاريع مسلّمة وتحت طائلة الاستغلال، وهذا يفرز أحياء ومباني غير مطابقة للمواصفات، ومعرّضة في أيّة لحظة لمخاطر الانهيار أو انزلاقات التربة مثلما حدث في ولاية تيبازة مؤخرا، أما وزارة الأشغال العمومية فحدّدت عدّة طرق منجزة على أرضيات مهدّدة بالانزلاق.
وأمام تسجيل تزايد غير مسبوق للأخطار الطّبيعية، وتلك التي تتدخّل فيها يد الإنسان، إذ شهدت الجزائر سنة 2020 حرائق غابات فاقت تلك المسجّلة في ظرف 10 سنوات، تبقى الحاجة ملحّة لإعادة النظر في القوانين الخاصة بالوقاية ومجابهة مثل هذه المخاطر، ولكن بأخذ العبرة من الدّروس السّابقة، وووضع أهداف مستقبلية ترسم معالم إستراتيجية جديدة تبنى على أساس علمي، وتستغل التطور التّكنولوجي لتسيير خطر الكوارث، يحرص الجميع على إعدادها وتنفيذها، بداية من المواطن، السلطات المحلية، الحكومة، الباحثين والخبراء من أجل مواءمة التّشريعات الوطنية للظّروف المحلية، وبلوغ نتائج أفضل في مجابهة المخاطر..