تعتبر السياحة في الوقت الراهن خيارا استراتيجيا هاما، باعتباره أحد أهم القطاعات المساهمة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولدوره في انعاش الاقتصاد الوطني.
السياحة هي أحد الخيارات الإستراتيجية في رفع الدخل الوطني، ما جعل القطاع يحظى باهتمام الكثير من الدول والحكومات فضلا على اهتمام المؤسسات والمستثمرين، في ظل تراجع النمو في بعض القطاعات الأخرى على غرار قطاع المحروقات الذي يشهد تذبذبا في الآونة الأخيرة.
تطمح الجزائر إلى كسب مكانة لها في سوق السياحة الدولي وجعلها مقصدا سياحيا ومنطقة جذب سياحي في ظل المقومات السياحية التي تزخر بها؛ خاصة وان الحكومة الجزائرية أولت اهتماما متزايدا في الآونة الأخيرة للقطاع وتفعيل دوره، وهو ما من شأنه أن يمنح فرصة للنهوض باقتصادها، لما لذلك تأثير على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعلى العلاقات الدولية.
موقع الجزائر الاستراتيجي
تعتبر الجزائر أكبر بلدان أفريقيا من حيث المساحة، كما تحتل الرتبة 10 عالميا من ناحية المساحة الكليّة، وتقع في شمال أفريقيا، حيث تعتبر الصحراء الجزء الأكبر منها وتتخللها الهضاب والتلال شمالاً وصولاً إلى البحر المتوسط بساحل يبلغ طوله 1,200 كم، بين الرمل تنهض القمم الخضراء إلى ذرى شاهقة تطال الغيم وتطل على زرقة مياه المتوسط شمالا ونقاء كثبان الصحراء جنوبا، في ما تبسط النخلة المعطاء سعفاتها الخضراء في كل اتجاه لتكتب بمداد الجمال والعراقة والشموخ اسم الجزائر.
بالجزائر أربعة معالم جغرافية رئيسية وهي القسم الشمالي حيث السواحل المطلة على البحر المتوسط إضافة إلى مرتفعات الأطلس، ثم الهضاب الداخلية، والصحراء الشاسعة التي تمتد حتى بلدان الجوار الجنوبي.
إن مساحة الجزائر الشاسعة وتنوع تضاريسها من الشمال إلى الجنوب ناحية الصحراء الكبرى وموقعها الجغرافي الاستراتيجي جعلها تزخر بالعديد من المناطق السياحية التاريخية والطبيعية وأصبحت بذلك منطقة جذب سياحي عالمي.
مقومات الجذب السياحية بالجزائر:
تمتلك الجزائر إمكانيات سياحية هامة ومتميزة والتي تعتبر أساس النشاط السياحي، فضلا على مكانتها في السياحة الإقليمية والدولية، سيما لدى الهيئات المتخصصة مثل اليونيسكو، مما يؤهلها لتنمية قطاع السياحة بها، وتتجلى هذه المقومات فيما يلي:
المقومات السياحية الطبيعية: تمتلك الجزائر مؤهلات سياحية مهمة ترتكز أساسا على التنوع الكبير في عوامل الجذب الطبيعية، من شريط ساحلي يمتد على مسافة 1200 كلم يزخر بالعديد من الشواطئ والمناظر الخلابة والغابات والسهول والهضاب والجبال فضلا على الصحراء الممتدة على مساحة تزيد على مليوني كلم، والتي تم تصنيفها من بين الأجمل في العالم.
كما أن لموقعها المحوري في المغرب العربي وفي إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط أهمية كبيرة، إذ تقع شمال أفريقيا بين تونس والمغرب، فضلا على تربعها على مساحة تجعلها أكبر البلدان الإفريقية، حيث تبلغ 2,381,741 كيلومتر مربّع، إضافة إلى تتنوع التضاريس بها من الشمال إلى الجنوب، فمن شريط ساحلي أغلبه سهول إلى هضاب عليا إلى صحراء التي تمثل وحدها 84٪ من الأراضي. ويتألف سطح الجزائر من أربعة أقسام:
القسم الشمالي: السواحل الشمالية التي تطل البحر المتوسط وهي ضيقة في بعض الأماكن بسبب امتداد جبال الأطلس.
مرتفعات الأطلس: والتي تتكون من سلسلتين جبليتين تعرف باسم أطلس التل وهي موازية للسواحل.
الهضاب الداخلية: وهي مناطق مرتفعة أهمها مرتفعات تبسة، الحضنة
الصحراء: وهي التي تمثل جزء كبير من الصحراء الكبرى.
مواقع تاريخية وحضارية وأخرى مصنفة تراثا عالميا
موقع الطاسيلي الذي يعتبر من أهم المواقع وأروع المواقع العالمية من حيث طبيعته الجيولوجية الذي يعود تاريخه إلى 6000 سنة قبل الميلاد،
حي القصبة الذي شيده العثمانيون في القرن السادس عشر والمتواجد بالجزائر العاصمة،
وادي ميزاب بغرداية جنوب الجزائر والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن العاشر ميلادي وما يميز هذا الموقع قيمته الجمالية إذ يحيط به خمسة قصور ذات تصاميم بطابع صحرواي،
موقع تيمقاد الذي كان يعرف باسم “ثاموقاديو” والمتواجد على بعد 37 كلم من مدينة باتنة، ويعود تاريخ بناء هذه المدينة إلى أكثر من 1000 سنة ميلادية؛
قلعة بني حماد حيث تعتبر قلعة بني حماد أول موقع أثري عالمي مصنف لدى اليونيسكو في الجزائر، حيث كان ذلك سنة 1980.
وهي من المواقع الأثرية الهامة في التراث التاريخي للجزائر، حيث تتوفر على آثار رومانية كالأسوار والقبور القديمة وعلى آثار إسلامية وآثار الدولة الحمادية ودولة الموحدين خلال فترة تواجدهم بهذه المنطقة؛
موقع جميلة والذي كان يعرف باسم “كويكول” وهي تسمية ذات أصل نوميدي لمدينة رومانية؛
الجامع الكبير الذي يعتبر من أكبر مساجد العاصمة الجزائرية الذي تم بناؤه من طرف المرابطين في نهاية القرن الحادي عشر.
كما تملك الجزائر الى جانب المعالم التاريخية، 7 مناطق أثرية مصنفة من طرف منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي التاريخي، وهي منطقة الطاسيلي، تيبازة، جميلة، تيمقاد، وادي ميزاب، قلعة بني حماد وحي القصبة.
متاحف تحاكي التراث الحضاري والثقافي
- المتحف الـوطني “سـيرتا” بقسـنطينة الـذي يعتبـر مـن أقـدم المتـاحف فــي الجزائــر العاصــمة، حيــث ثــم إنشــاؤه سنة 1852 وجمع به عدد كبير مـن الحفريـات التـي تـم اكتشـافها بهـذه المدينـة و علـى مسـتوى منطقـة الشـرق الجزائري ككل.
- “متحــف بــاردو الــوطني” ويوجــد بــالجزائر العاصــمة، ويعــرض بــه حفريــات عــن أصــل الشــعوب (إثنوغرافيــا)،وأخـرى تعـود لعصـور مــا قبـل التــاريخ، إضـافة إلـى قطـع أثرية إفريقية.
- “المتحــــف الــــوطني زبانــــة” ويوجــــد بمدينــــة وهــــران ويعرض بـه حفريـات عـن العصـور مـا قبـل التـاريخ، وعـن علوم الطبيعة، وعن أصل الشعوب.
- “المتحـــــف الــــوطني للجهــــاد” ويوجــــد فــــي الجزائــــر العاصــــمة وتتمثــــل معروضــــاته فــــي أثــــار عــــن الثــــورة .(1962-1954)
- “المتحـف الـوطني للفنـون الجميلـة” ويوجـد بــالجزائر العاصـمة بالحامـة وتعـرض بـه ألوانـ مـن الفـن العصـري، كالرسم، التصوير، النحت والنقش.
- “المتحـف الـوطني للفنـون الشـعبية” ويوجـد بــالجزائرالعاصـمة بالقصـبة ويضـم معروضـات عـن ألـوان الصـناعة التقليدية وتقاليد وفنون شعبية جزائرية.
- “متحــف تمقــاد” ويوجــد بولايــة باتنــة بمدينــة تمقــاد، ويضــم قطعــا مــن الفسيفســاء و أثــار قديمــة مــن نقــود وأسلحة قديمة وتماثيل.
- “متحـف هيبـون” ويوجــد بولايــة عنابــة ويحتــوي علــى أثــار قديمـــة تعبـــر عــن تــاريخ هـــذه المدينـــة النوميديـــة الرومانية.
كما تمتلك الجزائر أيضا تراثا ثقافيا متميزا من فولكلور ولباس تقليدي بالإضافة إلى الصناعات التقليدية والتي تجعل السياحة الثقافية أكثر انتعاشا كما تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني ككل، حيث تم إعداد إستراتيجية لتنمية صناعة الحرف اليدوية آفاق (2011-2020).
مرتكزات التحول بالجزائر إلى مقصد سياحي
سعيا من الحكومة الجزائرية اعادة بعث قطاع السياحة والنهوض به لتحسين صورة السياحة على الصعيد العالمي، فقد تضمن المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية عرضا شاملا لمرتكزات الفلسفة الجديدة في شكل مخططات تحت تسمية الحركيات الخمس تتمثل فيما يلي:
1- مخطط الجزائر كوجهة سياحية : يهدف هذا التوجه إلى تحسين صورة الجزائر في الأسواق السياحية على خلفية الذهنيات السلبية سواء في الإعلام أو غيرها من انعدام الأمن والمرافق الضرورية وفرص الاستثمار السياحي…، وعليه يمكن تصحيح وتثمين صورة الجزائر وجعلها وجهة سياحية أضحى إحدى أولويات الحكومة والمجتمع، ببناء صورة متميزة عنها لدى السياح خاصة الأجانب وباستخدام كل وسائل التسويق والترويج.
2- الأقطاب السياحية ذات الامتياز: حدد المخطط التوجيهي لتهيئة السياحة سبعة أقطاب سياحية للامتياز ترمي للنهوض بقطاع السياحة في كافة التراب الوطني وتتمثل فيما يلي:
– القطب السياحي للامتياز شمال شرق: ويشمل كل من “عنابة- سكيكدة- قالمة-تبسة- سوق اهراس- الطارف.
– القطب السياحي للامتياز شمال وسط: ويشمل الجزائر- تيبازة- بومرداس- البليدة- الشلف- عين الدفلى- البويرة- بجاية- تيزي وزو، ويضم قرى ومناطق طبيعية وشواطئ.
– القطب السياحي للامتياز شمال غرب: مستغانم- وهران- عين تموشنت- تلمسان- معسكر- سيدي بلعباس- غيليزان.
– القطب السياحي للامتياز جنوب شرق: ويشمل “الواحات- غرداية- بسكرة- الوادي- المنيعة”، ويضم العمران الصحراوي، واحات النخيل، وادي ميزاب والقصور المعلقة.
– القطب السياحي للامتياز جنوب غرب: القرارة- أدرار- تيميمون- بشار.
– القطب السياحي للامتياز الجنوب الكبير: ويشمل “الطاسيلي- اليزي- جانت”، وهو عبارة عن متحف طبيعي وارث حضاري عريق وزاخر.
– القطب السياحي للامتياز الجنوب الكبير: ويشمل أدرار- تمنراست.
3- مخطط الجودة السياحية: يعتبر أيضا أحد الديناميكيات الهامة التي اعتمدتها الحكومة الجزائرية للارتقاء بقطاع السياحة وتطويره وضمان جودة العرض السياحي، حيث يعتبر بمثابة دليل جودة الخدمات للمؤسسات السياحية المنخرطة في هذا المنهج ويهدف إلى:
دعم التنافسية الوطنية من خلال إدراج مفهوم الجودة في جميع مشاريع تنمية المؤسسات السياحية؛
بلوغ أفضل مهنية في جميع قطاعات العرض السياحي الوطني؛
تثمين المناطق السياحية الوطنية وثرواتها المحلية؛
ديمومة العرض السياحي الجزائري من خلال تحسين صورة جودة الخدمات للزبائن الوطنيين والأجانب؛
إفادة المؤسسات السياحية الملتزمة بانتهاج مسار الجودة وذلك بتوفير الوسائل الملائمة لتحقيق تنميتها وخاصة بمرافقتها في عمليات التجديد وإعادة التأهيل والتحديث والتوسيع والتكوين؛
ضمان ترويج متزايد للمتعاملين المنخرطين في الجودة من خلال إدماجهم في شبكة المؤسسات الحاملة للعلامة التجارية “جودة السياحة الجزائر” وضمان اندماج أحسن في المجال التجاري وتموقع أفضل.
4- مخطط الشراكة بين القطاعين العام والخاص: يعتبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص إحدى الركائز الأساسية للارتقاء بالقطاع السياحي، ذلك أن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على حشد جميع إمكانيات المجتمع لتشارك في تنظيمات مؤسسية تتولى إنشاء المشاريع باختلاف أنواعها؛
وتتجلى الشراكة بين القطاع العام والخاص في الجزائر بشكل واضح مع الإصلاحات الاقتصادية في التسعينات من القرن الماضي، وتعزز موضوع الشراكة بصدور القانون 90-10 المؤرخ في 14 أفريل 1990 المتعلق بالنقد والقرض إذ يعتبر بمثابة حجر أساس لتطبيق مبادئ اقتصاد السوق وتفعيل القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
5- مخطط تمويل السياحة: نظرا لما يتطلبه قطاع السياحة من استثمارات ضخمة من جهة وكونها ذات عوائد بطيئة من جهة أخرى فقد جاء المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية لمعالجة ذلك من خلال ما يلي:
مرافقة وحماية المستثمرين وأصحاب المشاريع السياحية الصغيرة والمتوسطة؛
العمل على تجنيب المشاريع السياحية من التوقف والانحلال؛
استقطاب وتأمين المستثمرين المحليين والأجانب؛
تشجيع الاستثمار السياحي من خلال استخدام الحوافز الضريبية والمالية؛
تسهيل وتكييف التمويل المصرفي للأنشطة السياحية.
يجسد المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية إرادة الحكومة الجزائرية بالارتقاء بقطاع السياحة واستقطاب السياح، إلا أن نجاح هذا المخطط يتوقف على تطبيق كل محاوره بفعالية من خلال متابعة وتقييم مستمر لكل مرحلة وتدارك النقص المسجل بما يحقق الأهداف المرجوة.
استراتيجيات تفعيل قطاع السياحة في الجزائر
أن نجاح قطاع السياحة في الجزائر لا يتوقف عند سن قوانين وتدابير فحسب بل لا بد من إرادة حقيقية وفعالة تعمل على تطوير هذا القطاع وجعل الجزائر مقصدا سياحي تنافسي وعالمي، وفيما يلي جملة من التحديات الواجب تفعيلها لتحقيق ذلك:
تطوير الهياكل والبنى التحتية: تشمل الهياكل والبنى الأساسية خدمات الطرق والنقل والموانئ والمطارات والاتصالات والطاقة والمياه وغيرها…، وتعاني الجزائر من قصور واضح في توفير مثل هذه الخدمات.
ورغم الأغلفة المالية التي رصدت لتطوير البنية التحتية إلا أن مؤشر البنية التحتية للنقل والمواصلات جاء سلبيا حسب التقرير الصادر عن هيئة “دافوس” حيث تدحرجت الجزائر في الترتيب العالمي من حيث جودة الطرقات من المرتبة الـ 99 في 2013 و97 في 2014 إلى الرتبة 105 في 2015، ويُقيم المنتدى هذا المؤشر على أساس 3 عوامل أخرى هي: “مدى وجودة البنية التحتية”، وحصلت الجزائر على المرتبة 92 بدرجة 3.7 من 7، “مدى وجودة خدمات النقل”، وحصلت على المرتبة 115 بدرجة 3.4، “مدى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التجارة الخارجية”، وعلى المرتبة 115 بدرجة 2.6.
وعليه يتوجب على الجزائر تطوير البنى والهياكل التحتية وجعلها من الأولويات التي لا غنى عنها لتطوير السياحة والارتقاء إلى طموحات المستثمر المحلي والأجنبي في مجال السياحة والذي يرغب في إيجاد خدمات البنية الأساسية متوفرة كما وكيفا لتنفيذ وإدارة استثماراته على أفضل حال.
إشكالية تمويل المشاريع الاستثمارية: رغم التسهيلات المالية والتخفيضات الضريبية التي أقرتها الحكومة الجزائرية، بالإضافة إلى إبرام وزارة السياحة لعديد الاتفاقيات مع المؤسسات البنكية من أجل تسهيل منح القروض للمستثمر في القطاع السياحي، إلا أن الحصول على القرض من أجل الاستثمار في القطاع السياحي يبقى من أهم العقبات التي تواجه المستثمرين وذلك للإجراءات البيروقراطية في الإدارة الجزائرية، إضافة إلى قلة الاعتمادات المالية الممنوحة للقطاع السياحي وغياب بنوك متخصصة في الاستثمار السياحي ذلك أن الاستثمارات السياحية تتطلب قروض طويلة الأجل وكبيرة المبالغ.
تحسين جودة الخدمات السياحية: إن نجاح الصناعة السياحية في الجزائر مرهون أيضا بتطوير مستمر وتحسين دائم للمنشآت والمنتجات والخدمات السياحية التي يجب أن تخضع بصورة دائمة ومستمرة للمواصفات والمعايير الخاصة بالجودة، ذلك أن السائح يرغب في الحصول على الخدمة والمنتج السياحي بشكل متناسق مع رغباته في الزمان والمكان وبالشكل الذي يريده، وعلى ضوء ذلك فان جودة المنتج السياحي هي السبيل الأمثل في جذب السياح وإرضائهم.
العقار السياحي: يعتبر من أهم العراقيل التي تقف أمام المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب في الجزائر، وذلك بسبب نذرته ونظرا لتعقد إجراءات الحصول عليه من جهة وارتفاع أسعاره من جهة أخرى، حيث أن توفر العقار يعتبر محددا أساسيا لإنجاح وإنعاش الاقتصاد الوطني والقضاء على الاختلالات الداخلية والخارجية فيه، وعاملا مساعدا على جلب واستقرار المستثمرين.
تفعيل السياحة الثقافية: تعتبر المجال الأمثل لخلق الترابط بين الثقافة والتنمية وعليه فان تثمين المادة السياحية المقدمة للسائح يعد امر ضروريا من خلال الاهتمام بزيارة المعالم الأثرية والتركيز على الخصوصيات التراثية والثقافية والحضارية، بما ينعكس في تحقيق التنمية المستدامة للسياحة، ولضمان ذلك يجب العمل على:
استحداث المناسبات: يمكن استغلال ظروف معينة تهدف إلى جذب فئات جديدة من السائحين والزوار والذي يدخل ضمن دائرة تنويع المنتج السياحي من خلال إقامة مهرجانات واحتفالات…
الاعتماد على الصناعات التقليدية: تعد إحدى الركائز التي تعتمد عليها السياحة الثقافية والتي تشكل التراث المادي والصناعات الحرفية، وعليه يجب التركيز على أهمية التدريب على الصناعات الحرفية وإمكانية تنميتها لتكون رافدا في التنمية السياحية.
استقطاب الاستثمارات السياحية: ولضمان ذلك يتوجب على الجزائر العمل على تثمين صورتها في الأسواق السياحية العالمية وجعلها قادرة على استقطاب الاستثمارات السياحية خاصة الأجنبية منها، من خلال جملة من الإجراءات والسياسات إضافة إلى التحفيزات المالية والضريبية.
بهدف تشجيع وجذب الاستثمارات السياحية ينبغي توظيف جملة من الآليات ترتكز على مايلي:
تخطيط استراتيجي سياحي علمي وشامل: نظرا لكون السياحة علما قائما بذاته فهي تحتاج إلى التخطيط الاستراتيجي كأداة ضرورية للاقتصاد الدولي الحديث سواء في الدول المتقدمة أو النامية؛
الترويج لفرص الاستثمار السياحي: يجب عدم إغفال الدراسات الكمية والنوعية للمنتجات السياحية الناتجة عن العملية الاستثمارية وإمكانية بيعها في الأسواق الخارجية؛
التنظيم الفعال للاستثمارات السياحية: لا بد من تنظيم جيد وفعال يعمل على تطوير الاستثمارات السياحية حتى تظهر آثارها النفعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى حجم الحركة السياحية؛
تأهيل وتدريب العاملين في قطاع السياحة: يعتبر التكوين السياحي بشكل عام من أكثر الاستراتيجيات لتطوير الموارد البشرية العاملة في تقديم الخدمات للسياح، لان افتقار موظفو المؤسسات السياحية بالشكل الذي لا يستجيب لمتطلبات التسيير الحديثة ينعكس سلبا على هذه المؤسسات خاصة وأنها على اتصال مباشر مع السائح.
الترويج السياحي: تسعى الدول والمؤسسات السياحية لزيادة نصيبها من تدفق السياح، ولتحقيق ذلك فهي تعتمد على الترويج السياحي كأحد الأساليب التسويقية التي تهدف إلى إيصال خصائص المنتج السياحي إلى المستهلكين.
وتعتبر الانترنيت أداة مناسبة للترويج وتوزيع الخدمات الفندقية والسياحية بسبب طبيعة هذه الخدمات التي تعتمد في نجاحها على توفير المعلومات الكافية والمناسبة والجذابة والقادرة على استقطاب السائح. وتتمثل أهداف الترويج السياحي في ما يلي:
إقناع وجذب السياح المحتملين في مختلف الأسواق المستهدفة.
محاولة التأثير على المدركات الحسية للسياح.
تعريف منافذ التوزيع من وسطاء منظمي الرحلات السياحية وكالات السفر، خطوط طيران وفنادق بالمنافع والقيم السياحية في مختلف المواقع السياحية.
تحقيق زيادات ملموسة في الطلب السياحي أو في الحصة السوقية للمنطقة السياحية أو على الأقل المحافظة على ثبات الطلب السياحي للمنتجات السياحية.
تنمية مناطق سياحية جديدة وبعض المناطق الأخرى التي تتميز بعرض سياحي.
إن ما تزخر به الجزائر من مقومات سياحية هائلة يؤهلها لاحتلال مكانة هامة وتثمين صورتها في الأسواق السياحية العالمية، ويدفعها لاستقطاب السياح المحلين فضلا على استقطاب السياح الأجانب وتصبح بذلك سوقا لتوظيف الاستثمارات السياحية خاصة الأجنبية منها، ذلك أن السياحة أصبحت صناعة تتصدر القطاعات الاقتصادية الأخرى، وأضحت نشاط حيوي واستراتيجي مهم في التنمية الاجتماعية والثقافية والسياسية.
الدكتور محسن بن الحبيب
(أستاذ محاضر بكلية العلوم الاقتصادية بجامعة قاصدي مرباح، ورقلة)