إن إعادة بناء المؤسسات الجديدة، والتي بدأت بالانتخابات التشريعية ستتواصل في زمن لاحق غير بعيد بالانتخابات المحلية، ولائية وبلدية.
هناك بكل تأكيد مجموعة تحولات منتظرة، منها تغيير علاقة المنتخب بالبلدية، لأن العقلية البيروقراطية كانت ومازالت كارثة على نوعية الهيئات المحلية وعلى قدرتها على تلبية الطلب الاجتماعي، وعلى تقديم الخدمة العمومية اللازمة.
ان اشراك المواطنين في جهد التنمية المحلية وفي وضع البرامج وتنفيذها، سواء من خلال المنتخبين أو من خلال جمعيات المجتمع المدني أو الجمعيات المهنية المتخصصة هو عامل من العوامل الأساسية التي توفر شروط التكفل بانشغالات الناس وطلباتهم، وتوفر الكثير من المصداقية للمنتخب وللهيئة الإدارية.
إن نوعية الخطاب السياسي أو التنموي على المستويين الوطني والمحلي في حاجة ماسة لقدرة اقناعية، وفي حاجة ماسة لقدرة على التهدئة الاجتماعية، خاصة مع مصاعب توفير موارد كافية، لأن مناخ عمل المنتخبين والهيئات في حاجة لهذه التهدئة، وفي حاجة لفهم وتفهم من قبل أكبر عدد ممكن من الناس.
إن الإدارات والهيئات ينبغي أن تغير من من منطقها، ومن طبيعة علاقتها بالناس، وأن تغير من مناهج عملها ومن علاقاتها مع المجتمع المدني بالخصوص، لأن مناهج العمل التقليدية ظلت تجعل الهيئة والإدارة تعمل لنفسها بل وحتى تحمي نفسها من الناس ومن ضغوطهم ومن مراقبتهم، وهذا الأمر كلف هذه الهيئات مصداقيتها وفعاليتها بل ودورها في خدمة المجتمع، وتبرير الميزانيات الكبيرة التي توضع تحت تصرفها وطرق ومجال استخدامها، ونتائج هذا الاستخدام.
ترقية برامج التنمية، من اختيار أهدافها إلى وضع برامجها وقيادة عمليات تجسيدها، تحتم ليس تحسين المناهج فحسب بل زيادة الكفاءة والذكاء. ذلك ممكن من خلال قيام علاقة جادة دائمة ثابتة فعالة بين الجامعة، أي منتجي المعرفة، وكل الهيئات، وهو عامل هام يوفر شروطا إضافية للتغيير والنجاح.
إن شح الموارد المالية يمكن تعويضه بتجنيد الموارد البشرية ذات الكفاءة العالية، وتطبيق الرداءة ومنطق الولاء على حساب الدولة ونوعية مؤسساتها. العملية قد تتطلب، خاصة بالنظر لنوعية الهيئات والادارات والأجهزة الموروثة، جهدا واعيا ضخما، وتتطلب الكثير من الإرادة والكثير من الكفاءة بالخصوص. تلك بعض شروط المساهمة في بناء الجزائر الجديدة.