حديقة التّسلية “لمباركية” بباتنة من بين أجمل الأماكن السياحية والتّرفيهية، التي تعرف توافدا مكثّفا للعائلات خاصة في العطل الأسبوعية وفصل الصيف.
تعرف الحديقة أيضا باسم “لومبي فاميلي بارك”، وتجلب هذه الحديقة التي تقع ببلدية جرمة، وتبعد حوالي 30 كيلومترا عن ولاية باتنة، آلاف الزوّار سنوياً للاستمتاع بمرافقها الرّائعة، وهي من أنسب الحدائق التّرفيهية للعائلات في الجزائر، حيث تتميّز بمناظرها الطّبيعية السّاحرة وأجوائها المُمتعة، والعديد من الأنشطة التّرفيهيّة المُتنوّعة ولاسيما الملاهي المائية الرّائعة.
ما زاد الحديقة جمالا هو افتتاحها في السّنتين الأخيرتين لحديقة مائية ضخمة أغنت سكان باتنة وولايات الشرق الجزائري عن الذهاب للولايات الساحلية لقضاء عطل الصيف، والاستمتاع بالبحر والأمواج والرّمال السّاحرة، خاصة في ظل الخدمات المميّزة التي تقدّمها على غرار خدمات المجمّع المائي المتكامل.
يشهد مركّب “فاميلي لومبي” منذ دخوله حيّز الخدمة سنة 2017 خلال كل فصل الصيف توافدا قياسيا لسكان عاصمة الأوراس باتنة والعديد من الولايات الشّرقية المجاورة على غرار خنشلة، قسنطينة، بسكرة وقالمة…إلخ، غير أنّ إغلاقه لعامين متتالين بسب جائحة كورونا وتداعياتها من حجر صحي حرم العائلات من متعة الاصطياف على رماله الذّهبية وشاطئه السّاحر.
وتستعد الآلاف من العائلات الأوراسية لتنظيم رحلات يومية إليه نظرا للخدمات النّوعية التي يقدّمها، خاصة ما تعلّق بالأمن والبرنامج المسطّر لكل فئة عمرية تزور المجمّع المائي، إضافة إلى أنّه يتوفّر على شاطئ مائي اصطناعي هو الأول من نوعه وطنيا، يتوافد عليه كذلك القاطنون ببعض الولايات الساحلية دون الحديث عن المغتربين القاطنين بالولايات الداخلية، والذين فضّلوا التّواجد بـ “فاميلي لومبي” رفقة الأهل والأقارب، بدلا من زيارة بعض الشّواطئ الطّبيعية بالولايات السّاحلية.
تجربة فريدة في السّـياحة المائية بالولايات الدّاخلية
تعتبر تجربة الإستثمار في السياحة المائية بولاية باتنة من بين أنجح الاستثمارات الخاصّة في هذا المجال، التي عزّزت من فرص تفعيل التنمية المحلية لما توفّره هذه المشاريع النّوعية من فرص عمل وبنى تحتية تساهم في تفعيل عجلة التنمية الإقتصادية أيضا، حيث تكفي زيارة واحدة لـ “فاميلي لومبي” وبالتحديد مجمّع “أكوا بارك” المائي، لتصبح من بين الزّبائن الأوفياء لمركب التسلية والترفيه جرمة على بعد 30 كلم من عاصمة الولاية باتنة، المنجز سنة 2008 في إطار الاستثمار الخاص لصاحبه حليم لمباركية، رغم أنّ الأسعار المخصّصة للدّخول مرتفعة نوعا في فصل الصيف، حسب ما أكّده العديد من زوّار الحديقة في تصريحات لمجلة “التنمية المحلية”، إلاّ أنّ الخدمات التي تقدّمها تستحق تلك المبالغ، تضيف بعض العائلات التي كانت مستغربة في البداية من أسعار الألعاب ودخول المجمّع المائي، غير أنّها سرعان ما غيّرت رأيها بمجرّد قضاء يوم صيفي في بحره الاصطناعي.
ويتّفق جميع زوّار “أكوا بارك” على أنّ حديقة التّ سلية تعتبر المتنفّس الحقيقي للعائلات هروبا من حرارة الصيف ونقص مرافق التسلية والترفيه بالولاية، تزامنا واستمرار جائحة كرورنا والمخاوف من زيارة الشّواطئ بالولايات السّاحلية، حيث تفرض إدارة الحديقة إجراءات وقائية صارمة، خاصة ما تعلّق بالتّعقيم والنّظافة، بالنّسبة للعائلات التي لا تستطيع زيارة شواطئ البحر، حيث وجدت في “أكوا بارك” ملاذا آمنا وممتعا لها ولأطفالها، الذين يلحّون على استغلال عطلة الصيف للاستجمام، وما على الأولياء سوى الرّضوخ لهم خاصة بعد الأصداء الطيّبة التي تعود بها العائلات الزّائرة.
كما وجد ساكنة ولايات بسكرة، خنشلة، أم البواقي، سوق أهراس وحتى قسنطينة، والولايات السّاحلية مثل عنابة وسكيكدة ضالتهم في هذه الحديقة المائية المميّزة، التي تعتبر الأولى من نوعها وطنيا، ويسجّل سكان هذه الولايات توافدا قياسيا للاستمتاع بالشّاطئ الاصطناعي، وكذا الأحواض المائية الرائعة للحديقة، التي توفّر أيضا لزبائنها وزوّارها خدمات تتعلق بالإيواء والإطعام للراغبين في الإقامة، وعديد الخدمات التي تتراوح أسعارها حسب الإمكانات المالية لكل عائلة.
وفي هذا الصدد، كشف أحد مسؤولي الحديقة لـ “التنمية المحلية”، بأن فكرة إنجاز مجمّع مائي بالحديقة راودت ملاّكها منذ افتتاحها، خاصة وأنّها موجودة بكثرة في الدّول الأوروبية، غير أن الأمر احتاج لبعض الوقت من أجل دراسة المشروع من جميع جوانبه، خاصة وأنّ إنجازه سيكلّف غلافا ماليا معتبرا لبناء الشّاطئ الاصطناعي، وإنجاز الأحواض المائية التي تشتغل بأجهزة إلكتروميكانيكية لضخ الأمواج، وتوفير بعض الخدمات الأخرى، حيث عاد محدّثنا لظروف إنجاز الحديقة في إطار الاستثمار الخاص فوق إحدى الأراضي القاحلة ببلدية جرمة، بجانب الطريق الوطني رقم 03 المؤدّي لقسنطينة، تتربّع حسب بطاقتها التّقنية على 22 هكتارا، 5 منها للمجمّع المائي الذي يضم 10 مسابح، منها ما هو مخصّص للأطفال الصغار، ومجهّز بمسابح تتوفّر على أحدث التّقنيات والتّجهيزات الخاصة بالألعاب المائية للأطفال، إضافة إلى مسابح للنّساء من مختلف الفئات العمرية، وأخرى للكبار.
الرّمال الذّهبيّـة والأمواج البحرية تسحر الزّائرين وتأسر جيوبهم
تمكّنت “أكوا بارك” منذ افتتاحها من تحقيق شهرة سياحية وطنية تجاوزت أيضا حدود الجزائر بتسجيل زوّار من بعض الدّول الجارة والأوروبية، حيث حقّقت نجاحا كبيرا تضاعف بافتتاح أوّل شاطئ اصطناعي على المستوى الوطني، يتربّع مسبحه الشّاطئي على مساحة 2500 متر مربع، في حين يتربّع الشّاطئ الرّملي على مساحة 5000 متر مربع جعلت منه شاطئا “طبيعيّا بامتياز” بطاقة استيعاب تفوق الـ 4500 مصطاف.
وحسب نفس المصدر، فإنّ الحديقة المائية لوحدها خاصة بعد افتتاح الشّاطئ تستقبل يوميا ما بين 2000 إلى 3000 شخص، و6 آلاف شخص خلال عطلة نهاية الأسبوع، ويمتد فتح الحديقة يوميا على مدار 3 أشهر الخاصة بفصل الصيف، في حين يقتصر عملها خلال باقي أيام السنة على عطلة نهاية الأسبوع والعطل المدرسية أين تستقبل الزوار خاصة من ولايات الجنوب أثناء عطلتي الشتاء والربيع.
وبالعودة لإقبال العائلات رفقة أطفالها على الشّاطئ الاصطناعي، أشار أحد الزّائرين الذي كان مرفوقا بولديه إلى أنّه حريص على مرافقة أبنائه لزيارة الأحواض المائية والشّاطئ الاصطناعي منذ دخول فصل الصيف رغم غلاء تكلفة الدخول للحديقة، والمقدّرة بـ 1200 دج للفرد الواحد بشرط أن يكون لك الحق في استغلال كل مرافق وتجهيزات وألعاب الحديقة، مشيرا إلى أنّ السّفر لبعض الولايات الساحلية يحتاج إلى إمكانات ليست في متناوله، خاصة في زمن جائحة كورونا.
خدمات مميّـزة تشجّـع على الإقبال
كما يوفّر الشّاطئ خدمات كثيرة ومتنوّعة تلقى استحسان الزّائر، تبدأ بالمرش ثم المحلات التجارية التي تعرض كل اللّوازم التي يحتاجها المصطاف في البحر، إضافة إلى خدمات الإطعام المراقبة صحيا من طرف أطبّاء ومختصّين في التّغذية، ووجود محلات وأكشاك لبيع المثلّجات بأنواعها. والمميّز في خدمات هذه الحديقة هو النّقل المجاني الذي توفّره للزائرين من مدينة باتنة إلى الحديقة على مسافة تزيد عن 30 كيلومترا، كما يساهم توفير الإيواء للزوار القادمين من ولايات بعيدة كوادي سوف في الإقبال على الحديقة، وفي هذا السياق تحرص حديقة لمباركية بارك في التفكير في إنجاز فندق وشاليهات لضمان خدمة الإيواء وفعالية التكفل بالزوار.
ولضمان خدمات مميّزة، تتوفّر الاكوا على عيادة طبية يعمل بها عدد من الأطباء، يقومون في حال تسجيل حوادث مهما كانت بالتّدخل الفوري وبإمكانات وتجهيزات حديثة للتكفل بالزائرين المصابين، خاصة في الحالات المستعجلة، ويرافقون المصطافين بالنّصائح والتوجيهات الضرورية لضمان سلامتهم وقضاء أوقات ممتعة وعائلية على ضفاف الشاطئ المائي المكسو برمال طبيعية ذهبية ناعمة.
وقبل دخول الحديقة تصادفك بحظيرة المركبات، العشرات من السيارات والحافلات التي تحمل ترقيم عديد ولايات الوطن، وحتى ترقيم أجنبي لزوار مغتربين اتّخذوا من “فاميلي لومبي” وجهتهم المفضّلة، حسبما أفادت به إحدى السيدات التي كانت برفقة أولادها الثلاثة في زيارة لأقاربهم بولاية خنشلة، ليقرّروا زيارة الشاطئ الاصطناعي بعد أن بلغ مسامعهم خدماته المميّزة.
وأشار بعض من تحدّثت إليهم مجلة “التنمية المحلية”، من زوّار الأكوا إلى أنّ الزّائر لأول مرة للمجمّع المائي، سيلاحظ بمجرد دخوله شاطئا اصطناعيا تحرّكه الأمواج، وكأنّه طبيعي بفضل الرّمال الموجودة على ضفاف الحوض المائي الأزرق السّاحر، خاصة عندما تشاهد الأمواج الاصطناعية التي تضخّها أجهزة إلكتروميكانيكية، زادته متعة الانتشار الكبير للأطفال والعائلات على ضفافه أضفت عليه الموسيقى الرّاقصة الصّادرة عبر مكبّرات الصّوت المنتشرة على هامش المسبح لمسة جمالية.
الجدير بالذكر، أنّ مشروع “أكوا بارك” باتنة شجّع عدّة مستثمرين بولايات أخرى على إنجاز مشاريع استثمارية مثالية على غرار ما تمّ بعروس الزيبان بسكرة، والتي أنجز فيها علي سراوي، وهو مستثمر خاص، حديقة مائية عوّضت سكان بسكرة وولاياتها المجاورة متاعب السّفر للولايات السّاحلية، وما يستلزم ذلك من تكاليف مالية هم في غنى عنها.
وقد حقّقت هذه التّجارب نجاحا كبيرا يعكس أهمية الاستثمار الخاص، ودعمه للتنمية المحلية في الولايات الداخلية خاصة في قطاع السياحة المائية، حيث تشهد مثل هذه الحدائق المائية انتعاشا كبيرا من حيث الاستثمار، مهيّأة حسب المعايير العالمية وسط واحة نخيل كبرى أنجز فيها فنادق من مختلف النّجوم وإقامات فاخرة، ما سيخلق منافسة إيجابية بين الولايتين لاستقطاب سياح المدن الداخلية.