تأخرت عملية استغلال مشروع محطة التصفية بتبسة بطريق قسنطينة بسبب أخطاء تقنية، خاصة ما تعلق بعمليات تهيئة وادي مقبرة تاغدة الذي تسبب في أثار سلبية في صرف المياه القذرة بعدة أحياء، إلا أن مديرية المصالح الفلاحية ترفع التحدي لسقي 3 ألاف هكتار من المساحات الصالحة للزراعة.
يعد مشروع محطة تصفية المياه القذرة واعد بالنسبة للبيئة والمحيط وترقية الفلاحة. وشهد المشروغ تأخر الاستغلال بسبب خطأ تقني فظيع في موقع المحطة في حد ذاتها والذي كان من المفروض ان لا يكون في اتجاه تصاعدي من إقليم بلدية بولحاف الدير إلى طريق قسنطينة، ما كلف خزينة الدولة أعباء أخرى لتصحيح الوضعية بإجراء دراسة جديدة والعمل جار على قدم وساق لاستغلال المشروع.
تراكمات الأخطاء التقنية من أهم عراقيل مشروع تصفية المياه القذرة
تشير التقارير أن عملية مشروع محطة التصفية بمدينة سجل في إطار البرنامج العام للتطهير في البرنامج العادي لسنة 2008 بغلاف مالي قدر بـ 500 مليار سنتيم من طرف المديرية العامة للتطهير بوزارة الموارد المائية وأسندت للمديرية الولائية للري آنذاك، حسب التسمية القديمة. بعدها أحيل المشروع على ديوان التطهير ،مع تعطل انجاز القنوات بسبب النزاعات مع الفلاحين حول عبور القنوات على مستوى الأراضي الفلاحية غير أن الإشكالية يتم تداركها مرحليا بصفة ودية.
وفي إجابته عن تقدم وتيرة الانجاز قال المدير الولائي للقطاع أن مشروع التصفية “خرج من عنق الزجاجة” بتحقيق وتيرة انجاز 100 بالمئة على مستوى جميع أجنحة المشروع، وتقدمت وتيرة انجاز عملية القنوات بعد دراسة دقيقة إلى 90 بالمئة.
إحصاء 3 ألاف هكتار لانجاز محيط سقي
ويرتبط مشروع محطة التصفية بالأهداف الإستراتيجية لقطاع الفلاحة ومساعي توسيع المساحات المسقية التي لا تتجاوز نسبة 10 بالمئة من الأراضي المستغلة في الفلاحة. كما تشكل نقطة تحول جديدة في الخروج من الفلاحة التقليدية إلى تسيير المستثمرات الفلاحية بطريقة علمية تبحث عن أفاق واعدة بالرفع من مستوى الإنتاج كما ونوعا، من خلال فتح مشروع محطة التصفية لوحدة إنتاجية صغيرة لمعالجة فضلات المياه القذرة وتحويها لمواد تستفيد منها مختلف المزروعات.
وبشأن هذه المرحلة من الاستغلال كشف مدير المصالح الفلاحية بولاية تبسة ثامن السعيد عن خطة عمل تحضيرا لمرحلة تسلم قطاع الموارد المائية لمحطة التصفية، مضيفا أنه تم تشكيل لجنة متابعة وتنسيق مع مختلف المتدخلين الفلاحين ومديريتي ديوان التطهير والموارد المائية.
وأشار المتحدث إلى توقع استفادة مستثمرات فلاحية على مساحة 3000 هكتار من مياه السقي التي سوف تكون تحت رقابة توجيهات الإرشاد الفلاحي والمختصين من كل القطاعات المعنية للفلاحين بخصوص نوعية المزروعات التي يمكن أن تستفيد منها بعض الأشجار أو المحاصيل.
وبشأن استفادة الفلاحين في هذه المستثمرات من مواد التسميد التي تنتجها هذه المحطة بعد دخولها مرحلة الاستغلال، أكد مدير المصالح الفلاحية أن الفضلات الصلبة المعالجة بالمحطة تكون بها عدة شوائب ومواد سامة يمكن أن تهدد صحة الإنسان أو حتى النباتات في حد ذاتها، وهو ما يفرض معالجة علمية تقنية صارمة لاستبعاد واستخراج هذه الشوائب وتحديد قائمة المزروعات التي يمكن استغلالها فيها.
الجفاف يؤثر على الإنتاج الفلاحي
بالرغم من التأثير السلبي للظروف المناخية الصعبة منذ سنتين، التي تميزت بالجفاف وشح الأمطار، على الإنتاج الفلاحي في عدة شعب خاصة إنتاج الحبوب وتربية المواشي، باعتبار أن الجزء الكبير من المساحة مخصص بزراعة الحبوب تفوق 130 ألف هكتار وجزء كبير منها تعتمد على الأمطار والباقي مسقي.
وكشف تقرير رسمي لحصيلة نشاطات التنمية الفلاحية بولاية تبسة لسنة 2021، أن الإنتاج كان ايجابيا في بعض الشعب، فيما تأثرت شعب أخرى بموجة الجفاف كزراعة الحبوب، حيث تم حصاد الكمية المنتجة خلال نفس السنة من المساحة المسقية فقط. وقد فاقت 333 ألف قنطار، ونتيجة لشح الأمطار تم تحويل محاصيل الحبوب إلى أعلاف في باقي المساحة مما سمح برفع كمية الأعلاف مقارنة بباقي السنوات، وبالتالي فإن إستراتيجية المصالح الفلاحية في السنوات المقبلة هو التركيز على إنتاج الحبوب مع رفع المساحة المسقية لضمان الإنتاج بصفة منتظمة.
وفي هذا الصدد ولتحسين ظروف ممارسة النشاط الفلاحي في بعض المناطق تم التاطير التقني والمالي للفلاحين خلال سنة 2021 في إطار مختلف برامج الدعم الفلاحي الموجهة، خاصة في مجال توفير عتاد السقي المقتصد للمياه بـ134 وحدة، و تقديم تسهيلات في تراخيص ودعم في مجال حفر الآبار بالموافقة على 824 طلب، إضافة إلى اقتناء التجهيزات اللازمة وانجاز أحواض السقي، مما سمح بتوسيع المساحات المسقية وترشيد استعمال الموارد المائية في الفلاحة، واستفاد في هذا الاطار 117 فلاحا .
النشاط الفلاحي بالمناطق الحدودية يحتاج للدعم
يحتل النشاط الفلاحي بالمناطق الحدودية مكانة هامة نتيجة للمؤهلات الطبيعية والبشرية، التي جعلت منها أقطابا فلاحية بامتياز في بعض الشعب الفلاحية الإستراتيجية كالبطاطا وزيت الزيتون والحبوب. وتساهم هذه المناطق بشكل واضح في رفع الإنتاج الإجمالي الفلاحي بالولاية، و استحداث مناصب شغل رغم بعض العوامل التي تعيق تنمية فلاحية فعلية وتحسين الإنتاج المحلي لأهم المحاصيل الزراعية التي من الممكن أن تضمن اكتفاء ذاتي للولاية، ومن بين هذه العراقيل استغلال المياه الجوفية و حفر الآبار .
وفي هذا الإطار تتواصل عملية إحصاء الفلاحين من طرف اللجنة التقنية المكلفة بدراسة طلبات رخص استعمال الموارد المائية الجوفية بالبلديات الحدودية، في إطار برامج تنمية الشريط الحدودي قصد تمكينهم من الحصول على رخص الحفر، ومنح تسهيلات لفلاحي الشريط الحدودي في مجال اقتناء معدات وتجهيزات السقي المقتصدة للماء .
محيط سقي في الحمامات وبولحاف الدير وتبسة
ويؤكد مدير المصالح الفلاحية بتبسة أهمية التنسيق مع القطاعات المعنية لاستفادة الفلاحين من مواد التسميد المنتجة، كما تم عقد عدة جلسات داخل مديرية المصالح الفلاحية وخارجها قصد استغلال هذا المشروع الواعد في توسع جديد وإضافي للمساحات المسقية الفلاحية.
وتسعى المصالح ذاتها، أن تتقدم العملية في إطار مشروع وطني استراتيجي وذلك بالعمل على تحويل مساحات المستثمرات الفلاحية المحيطة بمحطة التصفية بطريق قسنطينة إلى محيط سقي وترقية التقنيات المستغلة في هذه المساحات بغرض رفع مستوى مردودية الإنتاج.
ويبقى فلاحو بلديات عاصمة الولاية تبسة والحمامات وبولحاف، المستغلون لمساحة 3000 هكتار، ينتظرون بشغف استغلال المشروع نهائيا، بعدما تمكنت شركة كوسيدار من تشطيب المشروع طبقا للبطاقة التقنية والدراسات المعدة.