يُعتبر حي المقطع الازرق الذي يقع في نقطة تلاقي الوديان النازلة من أعالي جبال الشريعة، موقعا سياحيا هاما بولاية البليدة، يقصده السياح طوال السنة، وخاصة في فصل الصيف، أين يصبح وجهة للعائلات كبديل عن الاستجمام في الشواطئ.
يسكن هذا الحي الذي يبعد عن بلدية حمام ملوان التابعة إداريا لها بخمس كيلومترات، مئات العائلات وأهم ما يميزه تدفق المياه العذبة الصافية التي تسيل بالوادي، فيكون مكان رائعا للاصطياف والاستجمام خلال فصل الصيف.
وما يزيد المكان جمالا الغابات المحيطة بالمكان من الجهات الأربعة، أين توفر العائلات المقيمة بها، مأكولات لذيذة للسياح في مقدمتهم خبز المطلوع التقليدي، وبعض الخضراوات والفواكه المنتجة في المناطق الجبلية مثل التين بمختلف أنواعه.
ازدهر المقطع الازرق في السنوات الأخيرة بسبب عودة سكانه الذين رحلوا في فترة التسعينات لأسباب أمنية، وبفضل التنمية التي عرفها بإنجاز بيتا للشباب يضم مسبحا وملعبا جواريا وقاعة رياضية.
عودة الحياة وعجلة التنمية إلى الموقع، واستحداث طرق جديدة تربطه بالمناطق الجبلية التي يزاول بها بعض الفلاحين الشباب نشاطات فلاحيا هامة، عزّز أدوات الجذب السياحي فأصبح هذا الحي ينافس المواقع السياحية الكبرى بالولاية، وتحول إلى ملاذ للعائلات البليدية ولسياح من مختلف الولايات.
ويقصد السياح المكان للاستمتاع بالمياه العذبة الصافية، إذ يصطفون على حواف الوادي في مشهد لا يختلف عن التخييم على ضفاف البحر، ويزيد الإقبال عليه عند ارتفاع درجة الحرارة باعتباره يضم مناطق رطبة مغطاة بظل الأشجار وحرارته منخفضة لارتفاعه عن سطح البحر.
كما يستقطب الموقع السياح الباحثين عن التجول وسط الجبال عبر منعرجات تبعث السكينة والطمأنينة في أنفسهم، لهدوء المكان، بعيدا عن ضجيج الشواطئ والمسابح.
شباب يٌنظّمون الاصطياف على حواف الوادي
ويستغل شباب المنقطة اقبال السياح للعمل الموسمي، بنصب خيم تنسج بالأعشاب والقماش والقصب، يتم تأجيرها مقابل 500 إلى 1000 دينار لليوم الواحد، ويحرصون على توفير الهدوء والراحة بها لفائدة السياح.
واللافت أن هؤلاء الشباب يوفرون الأمن والأمان للعائلات التي تأتي مبكرا في الصباح، وتقضي ساعات وهي تتمتع بالمناظر الخلابة بعيدا عن حر المدينة.
ولأجل تنظيم السياحة، يحصل هؤلاء الشباب على رخص من قبل البلدية، ومن مسؤولياتهم تنقية الوادي لاسيما البرك المخصصة للسباحة.
ورغم دور الشباب في تأجير الخيم وتوفير الأمن وحماية الممتلكات، إلا أن بعض العائلات تبدي انزعاجها من استغلال واحتكار هؤلاء الشباب المكان، لرغبتها في الاستجمام مجانا.
ويرى رب عائلة قادم من البليدة أن استغلال الوادي بشكل كلي من قبل الشباب الذين يحصلون على رخص، لا يشجّع على ترقية السياحة بالمنقطة، لأنه يحرم بعض العائلات التي قد تأتي للتخييم بامكانياتها الخاصة.
وانتقد محدثنا أيضا اجبارية الدفع مقابل ركن السيارات، وهذا ما يتنافى مع مجانية الدخول إلى المناطق السياحية، وفي هذا الإطار دعا السلطات المحلية لبلدية حمام ملوان عدم الترخيص لهؤلاء الشباب باستغلال كل المساحة، والإبقاء على جزء منها على الأقل يمكن التخييم به مجانا.
بدوره يرى أحد السياح قدم من الجزائر العاصمة، بأن نصب الخيم بالقماش والقصب يتنافى مع طبيعة المنقة، واقترح نسج الخيم بأغصان الأشجار و الأوراق أو بالخشب بشكل موحد ومتناسق.
وفي هذا الصدد، دعا المتحدث بلدية حمام ملوان للاستثمار في هذا المجال بتنصيب خيم وشاليهات وكرائها لهؤلاء الشباب الذين يستأجرونها بدورهم للعائلات، وقال بأن الخيم الموجودة حاليا تضر بجمال هذه المنطقة العذراء، كما يضر بالمنطقة أيضا انتشار بنايات فوضوية، وغياب التهيئة الخارجية للحي لاستقطاب السياح، والمزج بين جمال الطبيعة والبنايات.
الحاجة إلى مرافق لدعم المقومات السياحية للموقع
وماعدا أدوات الجذب السياحي الطبيعية المتمثلة أساسا في مياه الوديان والغابات والظلال والانخفاض في درجة الحرارة، يفتقر مقطع لزرق إلى مرافق يمكنها أن تحسن خدماته السياحية وترفع عدد زائريه خاصة بعد تنمية الأحياء المجاورة له، وله عاد اليها سكانها، غرار الدوابشية ويما حليمة.
ويعتبر بيت الشباب المرفق الوحيد الذي يأوي من الحين إلى الأخر بعض الأندية الرياضية أو الكشافة الإسلامية، ويتم المبيت فيه مقابل 500 دينار لليلة الواحدة، ويتوفر على مسبح الذي يقصده بعض أطفال المناطق المجاورة للتخلص من عناء الحرارة المرتفعة، وتم إخضاعه مؤخرا لإعادة التهيئة بعد تدهور حالته .
وما يجب الإشارة اليه هو أن المقطع الازرق يتميز بهدوئه طوال الوقت، فلا تسمع به أي ضجيج كان ولأن أغلب سكانه يمتهنون الفلاحة، فهو يوفر للسياح الذين يقصدونه مأكولات لذيذة صحية مثل الأجبان المصنوعة من حليب الماعز والخبز التقليدي بأنواعه، والخضراوات والفواكه الخالية من الأسمدة الكيماوية.
ويمكن للملعب الجديد الذي استفاد منه الحي مؤخرا، أن يرفع المقومات السياحية له إذا تم إعادة تهيئته من جديد بتشييد مدرجات، ليصبح بإمكانه احتضان دورات رياضية مهمة ونشاطات ثقافية وترفيهية مختلفة.
ويأمل ممثلي المجتمع المدني في هذا الحي أن يحظى هذا الأخير باستثمار سياحي يليق بمقامه، بإنجاز منشآت فندقية جديدة سواء تابعة للقطاع العام أو الخاص، لاستيعاب وايواء السياح والرياضيين الذين قد يقصدون المكان لاجراء التدريبات والتحضيرات البدنية.
للإشارة، تأثرت السياحة في المقطع الازرق كثيرا في فترة جائحة كورونا، بسبب القيود المفروضة لمجابهة الوباء وتوقف نشاط النقل العمومي، كما تأثرت أيضا بالجفاف الذي تسبب في خفض منسوب مياه الأودية.