تحتوي صحراء الشريط الحدودي الشرقي بالوادي، ثروة حيوانية هامة ذات أبعاد اقتصادية وسياحية محلية، ساهمت مجهودات السلطات العليا والعادات الاجتماعية المحلية في المحافظة عليها وتطويرها على نحو ساعد في تحقيق الاستقرار الريفي والرّفاه المعيشي لكثير من العائلات.
تتمتّع البلديات الحدودية الطالب العربي وبن قشة ودوار الماء بولاية الوادي، بمقومات فلاحية طبيعية رعوية خلاقة للثروة في المجتمع المحلي، جعلت منها بيئة مناسبة لتربية الإبل وتوسيع نشاطها، لاسيما في أوساط شريحة البدو الرحل المتواجد غالبيتها في تلك النواحي والربوع الشاسعة النائية.
وتتميز فئة البدو الرحل بصبرها في مواجهة قسوة الطقس الصحراوي الملائم لتربية قطعان الجمال وتكاثرها، وخبرتها في الرّعي والتّنقل بها وسط البيداء بحثا عن الكلأ، في مختلف الظروف المناخية سواءً في الحر الشديد صيفا أو البرد القارص شتاءً، فضلا عن فترات هبوب الزوابع الرملية الشديدة والرياح العاتية على مدار فصلي الخريف والربيع، وكل ذلك لم يُثن البدو الرحل وعائلات تلك المناطق الحدودية عن ترك هاته المهنة الشاقة والمحافظة عليها.
تشير المعطيات إلى وجود حوالي 26 ألف رأس من الإبل في المناطق الحدودية الشرقية بالولاية، أغلبها نوق (إناث الجمال)، تُمثل مصدر رئيسي للمعيشة للكثير من العائلات الريفية المستقرة محليا، وكذا الموّالة والمربين المستثمرين في تلك المراعي الممتدة على شريط حدودي طولي لمئات الكيلومترات.
وتأتي أهمية تكثير النوق والتركيز على تربيتها، بحسب موّالين، بالنظر لأهميتها الإنتاجية – التوليد والتكاثر -، إدرار الحليب والأجبان مرتفعة الثمن في الأسواق من جهة واستخدامها ذاتيا للتغذية العائلية من جهة أخرى، ناهيك عن قيمة الوبر العالية الذي يستخدم في صناعات الألبسة الشتوية وغيرها مما تمنحه هاته الثروة من عطايا ثمينة.
كما تعتبر ذكور الجمال صغيرة السن مصدر مهم جدا لمجال تجارة اللحوم في المحلات والأسواق، وعامل أساسي في استقرار أثمانها بتلك المناطق، كون أن أسعارها أقل من باقي الأصناف، وذات قيمة غذائية عالية وإقبال من المستهلكين.
ورغم الإضافة التنموية والاقتصادية التي يمنحها المعبر الحدودي بالطالب العربي مع دولة تونس لكل تلك المناطق، إلاّ أن نشاط تربية الإبل بقي أكثر اهتماما ورواجا في أوساط السكان المحليين وفي طليعة مصادر المعيشة لديهم بالتوازي مع تربية باقي المواشي من أغنام وماعز.
وبناءً على كل ذلك، مثلما رصدنا، أصبحت هاته الثروة عاملا أساسيا محافظا على الإستقرار الريفي للسّاكنة، وتحقيق الرّفاه الإجتماعي الناتج عن بيع الحليب ومشتقاته واللحوم في الأسواق، ضمن عملية اقتصادية تنموية بنّاءة ومباشرة ركيزتها قائمة على المُنتج المحلي.
عامل جذب سياحي واستثماري
تُشكّل قطعان الإبل المتجولة بين ثنايا الصحاري ووسط الكثبان الرملية الذهبية، عامل جذب سياحي فريد من نوعه، ودافع قوي لإنجاح مبادرات التخييم الصحراوي والسياحة الداخلية.
ولوحظ في السنوات الأخيرة بروز توجّه رسمي بالولاية، للاهتمام بالتخييم السياحي وسط الصحراء، وتسجيل إقبال السياح من كل ولايات الوطن على ذلك بغية الاستمتاع بالطبيعة الصحراوية والكثبان وجَمال الجِمال المتجلي في صورها إبداع الخالق.
وبما أن أغلب ثروة الإبل من النوق المدرّة للحليب والأجبان، فمن شأن تشجيع المستثمرين في مجال ملبنات حليب الناقة وتوفير تسويق فوري ومناسب للمنتجات، أن يدفع بملاك هاته الثروة الحيوانية والعائلات الريفية الممتهنة لها، إلى المضي في رفع الإنتاج ومضاعفة أعداد الإبل.
تحظى ثروة الإبل باهتمام بالغ من قبل السلطات العمومية نظير مكانتها الاقتصادية ودورها التنموي المستدام، وسيفضى رفع حجمها واستغلال مقوماتها في الصناعات التحويلية إلى المساهمة في الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات الاستهلاكية واستيعاب نسب عالية من مناصب الشغل، بالإضافة إلى النهوض بالمستوى بالمعيشي للعائلات الريفية الصحراوية وتحقيق رفاهيتها.