وظفت جمعية أنامل المرأة الريفية ببلدية بابار بولاية خنشلة، تجربتها وخبرتها السّابقة للظّفر بتمويل من برنامج كابدال، لتجسيد مشروع اقتصادي محلي، يفتح لشباب وشابات المنطقة البطالين آفاقا واعدة في عالم المقاولاتية، ويساهم في تحريك عجلة التنمية المحلية.
الجمعية ورغم حداثتها إذ تأسّست في 17 أفريل 2018، استطاعت أن توجد لنفسها مكانا وسط الجمعيات الناشطة وتنافس بمشاريع منتجة، واستطاعت الظّفر بمشروع تنموي في إطار برنامج كابدال الذي أطلقه في نداء يوم 26 جويلية 2020، وشمل الثمان بلديات النموذجية وهي: تيميمون، جنات، مسعد، جميلة، الغزوات، أولاد عبد القادر وبابار، وهوالنداء الذي يهدف إلى دعم مبادرات الجمعيات المحلية من أجل تعزيز المواطنة الفعّالة، ودورها كفاعل في التنمية المحلية.
وأطلق برنامج كابدال مجموعتين من المشاريع، المجموعة الأولى تعنى بتعزيز مشاركة المواطنين والمجتمع المدني بشكل أفضل في مسار الحكامة، والمجموعة الثانية تخص المشاريع المحفّزة للتنمية الاقتصادية المحلية.
من هنا جاءت الفكرة
يقول نائب رئيس جمعية أنامل المرأة الريفية، براهم سفيان، لمجلة “التنمية المحلية”، إنّ فكرة مشروع استحداث ورشات الصّناعات التحويلية الفلاحية في إقليم بلدية بابار، اقترحت لأول مرة من طرف الجمعية على مستوى البلدية، بحكم أن بلدية بابار تمتاز بإنتاج فلاحي وفير.
واحتلّت المرتبة الأولى لستة مرات متتالية في إنتاج الحبوب، وهي قطب فلاحي خاصة في المنطقة الجنوبية، أوما يسمى صحراء بربار حيث تنتشر فيها المستثمرات الفلاحية الكبرى، وزراعة الخضروات في البيوت البلاستيكية.
لذلك فكّرنا نحن أعضاء الجمعية في مشروع “شمولي ولا يقصي أي أحد” مثلما يشترطه برنامج كابدال، يكون ناجحا للجمعية واقتصاديا للمنطقة، ويمس جميع شرائح المجتمع، حيث اخترنا أن يكون المستفيدون من المشروع، 8 شباب بطال، 10 نساء ريفيات، 8 نساء ماكثات بالبيت و4 من ذوي الاحتياجات الخاصّة”.
ويشير إلى أنّ “عملية اختيار مشروع الجمعية لم تكن سهلة ومرّت بعدة مراحل، ففي بداية الأمر اختار برنامج كابدال 113 جمعية من 8 بلديات.
بعد ذلك أطلق مبادرة الحاضنة تمّ فيها تحسين صياغة المشاريع التنموية، وكنّا من بين 5 مشاريع مندرجة ضمن برنامج كابدال في بلدية بربار، وبعد الحاضنة الأولى تقّلص عدد الجمعيات المنافسة إلى 62 جمعية من بينهم بابار.
وشاركنا بعد ذلك في حاضنة ثانية عن طريق التحاضر عن بعد، خصّصت للتكوين في تسيير المشروع، تمّ تأطير الدورة من طرف مختصّين، ومرافقة خبير اقتصادي ما دام أن مشروعنا يندرج ضمن المشاريع الإقتصادية، ثم تمّ اختيار 57 مشروعا، منها مشروع جمعية أنامل المرأة الريفية، وبعد الحاضنة الثانية تمّ اختيار المشاريع النّهائية وعددها 29 مشروعا، 17 مشروعا في المجموعة الأولى، و12 مشروعا في المجموعة الثانية”.
التّكوين شرط قبل التّنفيذ
يخضع 30 مستفيدا من المشروع، حسب براهم، لتكوين في شعبة الصناعات التحويلية لمدة 3 أشهر، يتوّج بالحصول على شهادة تأهيل، وفق الاتّفاقية المبرمة مع مركز التكوين المهني بالمنطقة.
وبعد انتهاء هذا التّكوين، سيخضعون إلى تكوين ثاني في نفس المركز، ضمن دورة تسيير المؤسّسات المصغّرة، وهنا يقول نائب رئيس جمعية أنامل المرأة الرّيفية، “حتى لوكانت المرأة لا تملك مستوى دراسيا، بإمكانها تعلّم إدارة تسيير المؤسسة، انطلاقا من تكوين نظري وتطبيقي”.
وسيستفيد أصحاب المشاريع بعد هذه الدورة من دورة تكوينية أخرى تخص نشاطات المؤسسات المصغرة والتسويق، وخرجة ميدانية إلى المزرعة النموذجية المرحوم طهرواي علي بولاية بسكرة، تختص في زراعة الطماطم، للإطلاع على كيفية صناعة الطماطم المجفّفة والمصبّرة.
بعد ذلك يتم اقتناء المعدّات للمستفيدين، للشروع في تجسيد المشروع والبدء بالإنتاج في البيوت، وتتولّى الجمعية مرافقتهم لمدة عامين لضمان ديمومة المشروع، كما تتكفل الجمعية في بداية الأمر بمهمة تسويق منتجاتهم في السوق الوطنية عبر نقاط البيع التابعة للجمعية على مستوى 15 ولاية، وإمدادهم بالمادة الأولية.
ولأن المنطقة تمتاز بزراعة مكثّفة لمنتوج الطماطم والفلفل، لن تصطدم الجمعية بأي عائق لتوفير المادة الأولية، حيث ستستغل فائض الإنتاج، الذي يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه في وقت الوفرة، 5 دنانير، لتحقيق إنتاج أولي يقدّر بـ 120 قنطار للطماطم المصبرة والمجفّفة طبيعيا.
وتسويق المنتوج لن يتم قبل اعتماده من قبل المخبر، وإجراء التحاليل الخاصة للحصول على شهادة السلامة الصحية”.
ويؤكّد براهم أنّ هذا المشروع سيدعّم قدرات الفاعلين، ويستحدث فرص عمل، ويستغل الموارد الطبيعية المحلية.
ولأنّ الجمعية وصلت لهذه الخطوة ستعمل على تجسيد البرنامج على أرض الواقع وتحقيق أهدافه، خاصة وأنّ المجموعة الثانية من المشروع كابدال محفّزة للتنمية الاقتصادية بطريقة ملموسة ومباشرة.
فهي تستحدث فرص عمل وتعزز القدرات الإنتاجية وتستغل الموارد الطبيعية، وهذا ما يحمله مشروع الجمعية المستوحى من إستراتيجية عمل متعلقة بالتنمية الاقتصادية، والأولوية فيها لتعزيز قدرات الإنسان، وتثمين الموارد الطبيعية.
ولكن يبقى العائق الكبير أمام الجمعيات الناشطة في الميدان البيروقراطية الإدارية، مثلما يبرزه نائب رئيس جمعية أنامل جمعية المرأة الريفية، إذ يتطلّب استخراج الوثائق الإدارية مدة أسبوع أحيانا، بدل نصف ساعة أوأقل، ناهيك عن الخسائر الكبيرة التي تخلّفها الكوارث الطّبيعية.