تتحرك عاصمة الغرب الجزائري وهران، بخطى ثابتة في محاولة لتعزيز مكانتها وطنيا وإقليميا ودوليا في المجال الرياضي، وذلك من خلال طفرة إنمائية ضخمة في البنية الأساسية الرياضية، على مدار السنوات الأخيرة.
طفرة إنمائية ضخمة في البنية الأساسية
تواصل عروس المتوسط مسيرة التحديث والتطوير لمنشآتها وبنيتها التحتية على أحدث الطرز العالمية، وسط مساع حثيثة لتصبح قوة عالمية في تنظيم البطولات والأحداث الرياضية الكبيرة في مختلف الألعاب الجماعية والفردية.
وقد رفعت وهران من سقف التحديات مع اقتراب موعد ألعاب البحر الأبيض المتوسط، المقررة في جوان 2022، والتي كانت بمثابة الحافز الأكبر نحو تحقيق المزيد من الإنجازات الرياضية الهامة التي سيشهد لها العالم خلال احتضان هذه التظاهرة الإقليمية الهامة، وأهمها المركب الرياضي الأولمبي والقرية المتوسطية.
المركب الرياضي الألومبي …تحفة فنية وصرح حضاري
المركب الرياضي الأولمبي _ الذي اصطلح على تسميته باسم اللاعب الدولي الشهير الراحل “عبد القادر فريحة” (28 أكتوبر 1942 – 1 أكتوبر 2012)، يعتبر من أضخم وأهم المجمعات الرياضية بالجزائر وإفريقيا، تم بناؤه بطريقة محترفة، تجعل من هذا الصرح تحفة فنية وصرح معماري حضاري، يعكس الطموح والرؤية المستقبلية لعاصمة الغرب الجزائري، لاسيما في مجال الساحة الرياضية، لما تحظى به من اهتمام عال في معظم دول العالم.
الملعب الأولمبي جاهز بنسبة 90 بالمائة
يتربع هذا المرفق الرياضي الذي يجري تشييده ببلدية بئر الجير في شرقي الولاية على ملعب أولمبي بسعة 40 ألف متفرج جالس؛ تجاوزت نسبة الإنجاز به الـ90 بالمائة، فيما انتهت الأشغال بنسبة 100 بالمائة على مستوى الأرضية، ومضمار ألعاب القوى، وذلك في انتظار إتمام التهيئة الخارجية والداخلية لعديد المرافق، على غرار غرف تغيير الملابس، وكذا توفير جميع التجهيزات الداخلية، ومنها الشبكات الكهربائية وإمدادات المياه وأنظمة التدفئة، والتكييف وغيرها، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مختلف الجهات المكلفة بالتجهيز في مختلف المجالات.
تهيئة منطقة واحدة لتنظيم المباراة الودية بين الجزائر وليبيريا وتوقعات لتنظيم نهائي كأس الرابطة
وفي زيارة تفقدية، قادت الشعب “أون لاين” إلى عين المكان بتاريخ 16 جوان 2021، اتضح أنه قد تم تهيئة منطقة واحدة لاحتضان المباراة الودية بين المنتخب الجزائري للمحليين وليبيريا، والتي تدخل في إطار تحضيراته لمواعيد القادمة، وفي مقدمتها كأس العرب التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم بقطر (30 نوفمبر-18 ديسمبر 2021)، وسط توقعات بتنظيمه أيضا لنهائي كأس الرابطة بين شبيبة القبائل ونجم مقرة لولاية المسيلة، حسب تصريحات من المديرية الولائية للشباب والرياضة.
وستكون المناسبة سانحة لتجريب أرضية الميدان، والترويج لألعاب البحر الأبيض المتوسط 2022، حسب تأكيدات المدير الجهوي لمكتب الدراسات بنيدار عوام عبد الكريم، والذي اعتبر أنّ “هذا المرفق الرياضي الهام غير مستعد حاليا لاحتضان المباريات والتظاهرات والنشاطات الرياضية التي تزيد مدتها عن يوم واحد أو المتعددة الأنشطة، وذلك إلى حين إتمام الأشغال المتبقية.”
وصرّح لنا عوام أن “ملعب وهران الجديد ينفرد عن غيره من ملاعب الجزائر بمميزات ومواصفات عصرية، تصنفه من بين أجمل وملاعب العالم وأكثرها تطورا…”
أرضية ”الهيبريد” الأولى من نوعها بإفريقيا
وأوضح في هذا الصدد أنّ البساط الخاص للأرضية من نوع ”الهيبريد” (الهجين)، في تجربة فنية نموذجية هي الأولى من نوعها بالجزائر وإفريقيا عامة، منوها إلى أن هذا النوع من الأرضيات موجود بأشهر ملاعب كرة القدم بالعالم، على غرار سانتياغو بيرنابيو بمدريد وملعب فيلودروم بمرسيليا.
ونوّه محدثنا إلى أنّ هذه التقنية الحديثة، تجمع بين الرمل والفلين والألياف الاصطناعية المحقونة عموديا، وغيرها من المواد المكونة لهذا النوع من الأرضيات التي تعتبر حاليا من أفضل الأنواع جودة ونوعية، لعدة أسباب، أبرزها إمكانية التركيب في أي منطقة جغرافية بغض النظر عن المناخ، بفضل نوعيتها المقاومة للتآكل ومرونتها وصلابتها ؛ وهو ما يقلل من حوادث الإنزلاق، ويوفّر ظروف لعب مثالية وآمنة للاعبين.
احترافية الصيانة والمتابعة للحفاظ على جودة العشب
أرجع المدير الجهوي لمكتب الدراسات بنيدار، المكلفة بالإنجاز، البريق والاخضرار، الدائم للعشب الطبيعي بهذا الملعب إلى نوعية الأرضية، والبذور المقاومة للمناخ، وكذا احترافية أعمال الصيانة والمتابعة الدائمة من قبل المختصين الجزائريين، بهدف المحافظة على جودة العشب وحمايته من الأمراض والفطريات، من خلال الأسمدة والمواد المعالجة، وكذا أجهزة رى بالرش مبرمجة بأجهزة الكمبيوتر، وغيرها من التقنيات، والأجهزة الحديثة التي تدخل أول مرّة للجزائر، وفق ما أشير إليه.
مضمار ألعاب القوى طبقا للمعايير والمقاييس الدولية
وفي سياق متّصل، أشاد بالنقلة النوعية الكبرى التي تحققت بمضمار ألعاب القوى على مستوى هذا الملعب الرئيسي، موضحا أنه جاهز لاستقبال أكبر المنافسات الرياضية في العالم، طبقا للمعايير والمقاييس الدولية المعتمدة، كمحدد رئيسي في التصنيف الدولي.
وذكر عوام عبد الكريم في هذا الخصوص، بأن ملاعب قليلة تمتلك هذا النوع من المضامير بأوروبا، ومنها برلين وزيوريخ وموناكو، فيما تقتصر هذه التجربة في إفريقيا على ملعب أديس أبابا بإثيوبيا فقط، وفق نفس المصدر.
واستنادا إلى التوضيحات المقدمة، يتميز هذا المضمار بسطح اصطناعي مطاطي للسباق وألعاب القوى باللون الأحمر والأزرق والرمادي، اللافت للأنظار وبمقاييس مضبوطة، تم تحديدها بتقنيات حديثة تعد الأكثر تقدما على مستوى العالم.
400 كامرا مراقبة رقمية
كما تم تجهيز الملعب بـ400 كاميرا مراقبة رقمية، تستطيع تمييز التحركات والوجوه بدقة عالية، وقد حدّدت الجهات المختصة مواصفاتها وعددها وأماكن وضعها، بهدف تأمين وتوفير التغطية الأمنية الشاملة.
سياج حديدي فاصل بين الجمهور وأرضية الملعب يفتح ويغلق أوتوماتيكيا
وتتميز المدرجات بمساحات واسعة ومنفصلة للدخول والخروج لكل منطقة متفرج، لتفادي الاكتظاظ والزحمة، كما أنّ السياج الحديدي الفاصل بين الجمهور والملعب مزود بعدة أبواب، تغلق و تفتح أوتوماتيكيا في حالة الطوارئ أو وجود خطر.
ويتضمن المركب الرياضي الجديد بوهران، بالإضافة إلى المعلب الرئيسي، ومضمار ألعاب القوى، منشآت رياضية هامة، من بينها أربع ميادين ملحقة، منها ملعب ثانوي بالعشب الطبيعي مخصص لألعاب القوى بسعة 4000 مقعد، وملعب مخصص لكرة السلة وملعبين آخرين للرغبي، وكذا قاعة متعددة الرياضات بـ5000 مقعد، وحوضين أولمبيين مغطيين، ومركز للتكوين البيداغوجي بطاقة 150 مقعد، بالإضافة إلى فندق ومأربا لركن السيارات، يتسع ل1500 سيارة، وغيرها من المرافق.
وتسير الأشغال على مستوى هذه الورشات بوتيرة بطيئة، فيما لم تنطلق الأشغال على مستوى ميدان التدريبات وعدد من الورشات التابعة لهذا المرفق الرياضي الذي انطلقت الأشغال على مستواه في سنة 2009 ووعدت الشركة الصينية المكلفة بانجازه (أم سي سي) بتسليمه نهاية 2012، ثم أجلته إلى نهاية 2017، ولا يزال إلى يومنا هذا قيد الإنجاز.
وجدير بالذكر أيضا أنّ مدرّب المنتخب الوطني جمال بلماضي، كان قد زار ملعب وهران الأولمبي، وأبدى إعجابه الكبير بهذا الأخير واعتبر أنّه مكسب هام حققته الجزائر على الصعيد الوطني.