من منظومة صحيّة مريضة إلى منظومة صحيّة هشّة تقاوم فيروس “كوفيد-19″، من البحبوحة المالية إلى التّقشّف، ومن البحبوحة المائية إلى الجفاف، صدمات أطاحت بكل الاستراتيجيّات والدّراسات الاستشرافية التي استندت عليها الحكومات المتتالية على مبنى الدّكتور سعدان، وبرهنت أنّ المواطن متغيّر ثابت في معادلة أي برنامج أو مشروع حكومي.
فلا الصّحة ستتعافى دون وعي المواطن وتشبّعه بثقافة الوقاية تفاديا لإجبارية العلاج، ولا الوضعية المالية ستتعافى في ظل غياب التّسيير الرّاشد للمؤسّسات والثّروات التي تحوز عليها البلاد، ولا الموارد المائية ستستمر على وعدها في ضمان الحياة للنّبات والحيوان إذا ما استمرّ المواطن في استهتاره ولامبالاته في استعمال هذا المورد الحيوي.
ولأنّه ليس من حقّ السّلطات العمومية، الاستسلام أو الرّضوخ للأمر الواقع، فهي تواصل جهودها دون كلل أو يأس لاحتواء مختلف الأزمات، والبحث عن بديل لما شحّت به السّماء، رغم أنّ الأمر جاء متأخّرا، لأنّ بوادر السّنين العجاف كانت جليّة عندما أصبحت الأمطار في السّنوات الأخيرة تتقاطر عوض أن تتساقط.
فبعد أن بات الجفاف حالة مؤكّدة بسبب شح السّماء، رمت السّلطات العمومية بأزمة المياه إلى البحر لاستخراج الحلول التي كانت في تحلية مياه البحر، وتحويلها إلى مياه صالحة للشّرب. من أمواج البحر إلى حنفيات المنازل…رحلة طويلة تقودها مؤسّسات ألقيت مسؤولية إرواء ظمأ المواطن على عاتقها.
مجلّة “التنمية الحلية” تحمّلت هي الأخرى مسؤولية البحث في أزمة المياه وأداء مهمّتها الإعلامية التّوعوية، من خلال تسليط الضّوء على المجهود المبذول من أجل توفير المياه، وضرورة اتّخاذ كل التّدابير للحفاظ على هذا المورد كأحد العناصر المهمّة للأمن القومي والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
يوجد الماء على سطح الكرة الأرضية في أشكال كثيرة تبعا للمكان الذي يتواجد به، حيث تشكّل مياه المحيطات والبحار حوالي 71 ٪ من مساحة الأرض و96 ٪ من مجموع مياهها، التي تتواجد في عدّة أشكال، من بينها الجليد ونعني به المياه المتجمّدة في الأقطاب وعلى قمم الجبال العالية، وتوجد معظم الكتل الجليدية في القارّة المتجمّدة الجنوبية، حيث تشكّل 85 ٪ من جميع المياه المتجمّدة.
المياه الجوفية، هي مياه مخزّنة في باطن الأرض في مسامات الصّخور أو الشّقوق التي بينها، وتحتوي على أكبر كمية من المياه المعدنية، بعد الكتل الجليدية.
المياه العلوية وهي المياه الموجودة فوق سطح الأرض، وتشمل مياه الأنهار، الجداول، البحيرات، المستنقعات والبرك، حيث يكون مصدر هذه المياه غالبا هو مياه الأمطار والثلوج، وأحيانا المياه الجوفية.
هذه النّسبة الهائلة، تمنح للماء دورا هامّا في ضبط مناخ الأرض من خلال الكمية المتبخّرة منه، ولأنّ الطّبيعة بكل مكوّناتها تخضع لحسبان دقيق من تدبير الخالق، فإنّ الماء باعتباره أحد هذه المكوّنات يتواجد وفق دورة متكاملة بدءاً من تبخّر مياه البحر إلى التكاثف على شكل غيوم إلى الاصطدام بضغط جوي يعيدها إلى الأرض في شكل أمطار. هذه الدّورة التي تسرّب الخلل إلى إحدى حلقاتها بسبب التّغيّر المناخي، فتغيّرت كل المعطيات واضطربت كل الموازين لتتأكّد اليوم حالة الجفاف التي لم نستفق بعد من وقع صدمتها، ولم نتأهّب لصدّها كحكومة تمتلك منظومة مائية، مؤمّنة استراتيجيّا ضد الجفاف، وكمواطن مستوعب لفكرة أنّ الماء صار من الموارد التي ستنتقص من يومياتنا.
البحار تجود بما بخلت به السّـماء
شكّلت الجغرافیة المائیة للجزائر محور اھتمام بالغ لدى السّلطات العمومية، خاصة مع مطلع الألفیة الثّالثة، بعد التّحوّلات الاقتصادیة التي عرفتھا والنّمو السّكاني المرتفع الذي ولّد ضغطا على ھذا المورد الحیاتي، وجعل المیزان المائي یعاني تحت ضغط الطّلب المتزاید وانخفاض العرض المستمر. وأمام ھذه الوضعیة التي تزامنت وحالة الجفاف التي تنبّأت بها الدّراسات المناخية منذ عشرين سنة، وأكّدتها كل المؤشّرات، بات البحث عن بديل لمياه الأمطار وتغيير سلوكيات المواطن المبنية على أريحية استهلاك هذا المورد الحيوي، ضرورة ملحّة، بل أولوية.
ووجدت الجزائر في تحلية مياه البحر، بدیلا مھمّا لمواجھة ندرة المياه في ظل توفّر المقوّمات الرّئیسية لقیام ھذه الصّناعة الدقیقة تقنیا والمكلّفة مالیا، حيث صنعت تحلية مياه البحر الفارق في المعادلة المائیة للجزائر من خلال تحقیقھا للھدف الأھم، وھو إعادة توزیع الموارد المائیة التّقلیدیة باتّجاه قطاعات مھمّة للاقتصاد الوطني من خلال القیمة المضافة التي تساھم بھا في معالجة اختلال المیزان المائي.
هذا ما دفع بالسّلطات العمومية إلى التّوجّه نحو اتّخاذ تقنية تحلية مياه البحر كخيار استراتيجي لتحقيق التّوازن المائي، وتأمين ماء الشّرب للمواطن تشجّعها في ذلك العديد من الدوافع المرتبطة بطبیعة ھذا البدیل غیر التّقلیدي، أهمّها الخصائص التي تمیّز صناعة تحلیة میاه البحر عن غیرھا من الصّناعات الأخرى، والتي تعد قاسما مشتركا بین جمیع الدّول التي اعتمدت ھذا الخیار. وتتمثّل أساسا في عدم خضوع صناعة التحلیة للتّقلّبات المناخیة، كما أنّ محطات التحلیة یمكن إنشاؤھا بالقرب من مراكز الاستھلاك ممّا یقلّل من تكلفة ضخ المیاه الجوفیة أو مد خطوط أنابیب لتوصیل المیاه إلى المناطق النّائیة؛ كما تعتبر تكلفة تشغیل محطّات التّحلیة مرتفعة، إلاّ أنّ تكلفتھا الرّأسمالیة تعد أقل من تكلفة تشغیل المنشآت التّقلیدیة على غرار السّدود، إلى جانب عدم ثبات كمیات المیاه التي یتم حصادھا نظرا لعدم انتظام حدوث السیول في المناطق الجافّة، واحتواء محطّات التّحلیة على معدّات میكانیكیة كالمضخّات، یتم تطویرھا باستمرار لاسیما ما یتعلّق برفع كفاءتھا وزیادة قیمتھا الاقتصادیة.
وتتوفّر محطّات التّحلیة في أحجام مختلفة، وتستخدم تقنیات متنوّعة ممّا یجعلھا مناسبة لجمیع الاستخدامات من المنازل الصّغیرة وحتى المدن الكبرى.
استثمار من رحم الأزمة
من المؤشّرات المشجّعة للاستثمار في صناعة التّحلیة أنّها أكثر جدوى من تمویل مشروعات المیاه التّقلیدیة، كما أنّ الوقت المطلوب لإنشاء محطّات التحلیة أقصر من الوقت الذي یتطلّبه مد خطوط أنابیب لتوصیل المیاه إلى المناطق النّائیة.
وجادت أزمة ندرة المياه بفرص مهمّة للاستثمار، ساهم في مضاعفتها التّغیّر المناخي الذي عرفته بعض أقالیم البلاد خلال العشرية الأخيرة، والذي میّزه التّذبذب الكبیر في كمیة التساقط (المطر والثلج) من حیث توقیت سقوطھا وحتى مكان سقوطھا. وھذا ما كان له تأثیر كبیر على فرص الاستثمار في مجال الموارد المائیة التقلیدیة؛ كذلك توفّر الجزائر على شریط ساحلي بطول 1600 كلم، یضم 14 ولایة تشھد تركيزا حضريا كبیرا، أدّى إلى زیادة الطلب على میاه الشرب التي بات ضمانھا للمياه من الموارد التّقلیدیة غیر متاح بشكل كلي، كما أنّ وفرة الموارد المالیة والطّاقویة الضّروریة قد ساهم بشكل فعّال لقیام صناعة تحلیة میاه البحر التي تعد صناعة مكلّفة جدا، خاصة من حیث نوع التّقنیات المستخدمة، وكمیة الطّاقة المستھلكة.
فموجات الجفاف التي شھدتھا الجزائر على مدار العقود الماضیة، خاصة العشر سنوات الفارطة قد أثّرت بشكل كبیر على كمیة الموارد المائیة سواء تلك الموجّھة لتغذیة الخزانات الجوفیة أو تلك الموجّھة لملء السّدود؛ إضافة إلى محدودیة الموارد المائیة في شمال البلاد التي تضم كثافة سكانیة مرتفعة على السّاحل؛ ما انعكس سلبا على حجم الموارد المائیة، خاصة الجوفیة منھا التي تعرّضت للضخ المفرط، حيث وصلت في بعض المناطق لعتبة حرجة. وأصبحت تعبئتھا تشكّل تھدیدا كبیرا لاحتیاطاتھا من حیث كمیتھا وتبدید نوعیتھا، خاصة وأنّ عملیة حفر الآبار واستغلالھا لا تخضع لقانون محدّد بل ھناك ملكیة شبه مطلقة للآبار من قبل المواطنین، حتى وإن تمّ التّصریح بھا لدى الجھات المعنیة؛ فإنّھا لا تخضع للاستدامة في استغلالھا، والاستفادة من میاھھا في ظل غیاب تقنیات تحدّد معدّل التجدد ومقدار السّحب غیر المضرّة.
الرّئيس المدير العام للشّـركة الجزائرية للطّـاقة:
المسؤولية اليوم ثقيلة
المعطيات السّالفة الذّكر، جعلت من تحلية مياه البحر صناعة مستقبلية ومشروع العصر، لا بد من توفير الأرضية القانونية والهيكلية لها. وهذا ما تجسّد من خلال تعليمات وتوجيهات السّلطات العمومية، فيما يخص التّوجّه إلى الاستثمار في محطات تحلية المياه، حيث قرّرت هذه الأخيرة، اللّجوء إلى تحلية مياه البحر لتأمين إمدادات المياه الصّالحة للشّرب للمواطنين، من خلال إنشاء هياكل ومؤسّسات تكلّف بمهمّة ومسؤولية جعل البرنامج الوطني لتحلية مياه البحر حقيقة واقعة.
رئيس الجمهورية لم يكن بغافل عن التّداعيات الاجتماعية والاقتصادية التي ولّدتها ندرة المياه، حيث احتلّ قطاع الماء أكبر المحاور في جدول أعمال اجتماعات مجالس الوزراء، التي تعقد دوريا، حيث شدّد على ضرورة الاتجاه بحرا، والاستفادة من المساحة الهامّة للشّريط السّاحلي (1600 كلم) التي تتمتّع بها الجزائر، وذلك من خلال الاستثمار في مشاريع إنشاء محطّات تحلية مياه البحر. وتنفيذا لتعليمات وتوجيهات رئيس الجمهورية، أسندت السّلطات العمومية مهمّة تحقيق هذا المشروع إلى الشّركة الجزائرية للطاقة، وهي شركة مساهمة أُنشئت في عام 2001 بنسبة 100 ٪ لشركة سوناطراك منذ ديسمبر 2018 برأس مال قدره 15.840 مليون دينار جزائري، تتمثّل مهمّتها القانونية في الترويج لمشاريع، بمفردها أو بالشّراكة مع الشّركات العاملة في مجال تحلية مياه البحر، وكذا توليد الطّاقة الكهربائية.
الرّئيس المدير العام للشّركة الجزائرية للطاقة، عبد النور كيموش، بدا واعيا بثقل المسؤولية التّاريخية الملقاة على عاتقه من أجل توفير الأمن المائي للبلاد، خلال اللّقاء الذي خصّ به مجلة “التنمية المحلية”، حيث أظهر استعدادا مسؤولا للمحافظة على الموروث الذي استلمه، والعمل على تطويره خاصة في المرحلة الحالية التي تفرض تكاثف الجهود ومضاعفتها.
تتواجد الشّركة الجزائرية للطّاقة في (11) إحدى عشرة شركة مشروع، تشرف على تشغيل محطّات تحلية مياه البحر وفقًا للالتزامات المنصوص عليها في الحزمة التعاقدية، وتماشياً مع توجيهات السّلطات العامة، قامت الشّركة الجزائرية للطّاقة بالاستثمارات الموكلة إليها من خلال شركات أجنبية من جنسيات مختلفة، تتقن تقنية تحلية مياه البحر، وتمتلك القدرة المالية على تنفيذ مشاريع كبرى معقّدة، وذلك بإطلاق مشاريع وفقًا للنّموذج الاقتصادي “شراكة بين القطاعين العام والخاص”، حيث تسمح الإيرادات النّاتجة عن هذه الأخيرة بتغطية تكاليف التّشغيل المتعلّقة بتشغيل وصيانة المصنع، تغطية خدمة الدين وضمان عائد على حقوق الملكية للمستثمرين في المشروع. هذا النّهج جعل من الممكن تخفيف نفقات الدولة التي كانت ستدفعها في المشاريع العامة الأخرى.
وبلغة مطمئنة، أوضح عبد النور كيموش أنّ محطّات تحلية مياه البحر التي كلّف بناؤها قرابة الثلاث ملايير (2878) دولار أمريكي (حوالي 75 ٪ منها تمثل مساهمة صافية من البنوك الجزائرية)، تنتج ما يقارب 2.1 مليون م 3 / يوم، أي ما يمثّل 17 ٪ من الإنتاج الوطني للمياه، وستعمل على بلوغ 50 ٪ من تلبية حاجيات المياه الصّالحة للشّرب آفاق 2030، تماشيا مع خارطة الطّريق التي حدّدتها السّلطات العمومية.
تواجد على طول الشّـريط السّـاحلي
تحلية مياه البحر كمشروع استراتيجي شمل كل الشّريط الساحلي من خلال الولايات السّاحلية الـ 14 أين تتواجد 11 محطّة لتحلية مياه البحر، تفتخر اليوم الشّركة الجزائرية للطّاقة بإنجازها طيلة عشرين سنة من التّواجد. في هذا الإطار تتم دراسة مشاريع جديدة على مستوى الحكومة الجزائرية، فيما يخص محطّتان جديدتان لتحلية مياه البحر ستعملان على توسيع رأس مال الشّركة الجزائرية للطّاقة، وبالتالي توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة:
• مشروع بمدينة فوكة بولاية تيبازة بطاقة إنتاجية يومية 200 ألف متر مكعب.
• مشروع “الطرف” بولاية عنابة بطاقة إنتاجية يومية 300 ألف متر مكعب.
فيما يخص التوزيع الجغرافي للمحطّات الـ 11، فهي تتوزّع كما يلي:
• سبعة محطّات (07) بالغرب الجزائري، ثلاثة (03) منها في الوسط، واحدة (01) بالشرق الجزائري. وهي:
– مركب “كهرماء”، بالمنطقة الصّناعية أرزيو، أنجزت سنة 2002، بطاقة إنتاج قدرها 86.880 م3/يوم.
– محطة الحامة بالجزائر العاصمة، محطة بني صاف، محطة سوق الثلاثاء، محطة مستغانم، محطة كاب جنات، محطة حنين، تشترك في طاقة إنتاج تقدّر بـ 200.000 م3/يوم.
– محطة فوكة بطاقة إنتاج تقدّر بـ 120.000 م3/يوم.
– محطة “مقطع” بطاقة إنتاج تقدّر بـ 500.000 م3/يوم.
– محطة تنس بطاقة انتاج تقدر ب:
من الماء المالح إلى العذب..تقنيات علمية عالية الدّقة
عملية تحويل مياه البحر المالحة إلى مياه صالحة ل والاستعمال اليومي، وذلك عبر المراحل التالية:
المعالجة الأولية: نزع الشّوائب وإزالة الأملاح والقيام بعدّة تصفيات.
المعالجة النّهائية: إضافة الأملاح المعدنية لمطابقة معايير المنظّمة العالمية للصحة المعتمدة.
تجدر الإشارة أيضًا، إلى أنّ المياه المنتجة تخضع بانتظام وبشكل دائم لمجموعة من التحاليل الفيزيائية والكيميائية والبكتريولوجي التي تجريها مخابر الوحدات من أجل التّأكّد من جودة المياه المنتجة قبل شحنها في الشّبكة..
وبالتالي المياه الصّالحة للشّرب المنتجة تضخ في شبكة توزيع المياه لشركة المياه الجزائرية، حيث تساهم تحلية مياه البحر بنسبة 17 ٪ في شبكة إمداد مياه الشّرب الوطنية في الجزائر. تكمن ميزة هذه التقنية في قدرتها على ضمان إنتاج مستمر لمياه الشّرب حتى في أكثر الظّروف الجوية سوءاً وقسوة، على عكس مياه السّدود التي يتم تكييفها بمعامل هطول الأمطار في الجزائر المصنّفة على أنها بلد ذو مناخ جاف.
وهذا ما دفع السّلطات الجزائرية إلى اتّخاذ تقنية تحلية مياه البحر كخيار استراتيجي لتأمين ماء الشرب للمواطن.
يمكن تصنيف طرق التحلية حسب العمليات المستخدمة:
أ. العملية الحرارية (التقطير).
ب. عملية الغشاء (التناضح العكسي).
أ. التّـقطير الحراري:
إنّه الأقدم والأبسط، يتم تصفية مياه البحر المأخوذة من عرض البحر لإزالة الشّوائب الكبيرة، ثم يتم تسخينه حتى التبخر في الخزانات، حيث تترسّب الأملاح ثم يمر الماء المتبخّر في خزان تكثيف، حيث يعود في صورة سائلة منزوعة المعادن تمامًا. يشار إلى هذا باسم عملية MSF (فلاش متعدّد المراحل.
ب. عملية الغشاء (التّـناضح العكسي):
ظاهرة التّناضح طبيعية: فهي تشير إلى حقيقة أنّه إذا تمّ فصل محلولين من الماء لهما تركيز مختلف بغشاء شبه منفذ، يمر الماء تلقائيًا من المحلول، وكلّما قل تركيزه باتجاه المحلول أكثر تركيزًا (انظر الرسم التخطيطي أدناه).
بطبيعة الحال، فإنّ المياه النقية تميل إلى التحرك نحو الماء الذي يحتوي على معظم العناصر، من أجل تحقيق مستوى من التوازن بتركيز متساوٍ.
ظاهرة التّناضح العكسي هي عكس التناضح الطبيعي. لتحقيق التناضح العكسي، يجب تطبيق ضغط كافٍ لعكس اتجاه تدفق الماء نحو المحلول الأكثر تركيزًا. وبالتالي، فإنّنا نجبر المياه المركّزة في الأملاح المعدنية أو الحجر الجيري أو غيرهما على عبور الغشاء شبه المنفصل، الذي يفصل بين المحلين ليتم تنقيته بدوره. يحتفظ الغشاء بجميع العناصر الذائبة الموجودة في الماء.
تحلية مياه البحر.
صناعة صديقة للبيئة
يتم التخطيط لنظام معالجة النفايات السائلة وتصريف السوائل، من أجل تقليل حمل الملوثات للتصريفات المذكورة. كما يتم تحديد حجم هذا النظام وفقًا لحجم وطبيعة التصريفات السائلة الناتجة عن المصنع، وعلى وجه الخصوص غسيل الأغشية الكيميائية، الغسيل العكسي من المرشّحات الرملية.
أيضًا، تمّ تصميم نظام الانتشار لتلبية المتطلبات البيئية والبحرية (الحفاظ على النباتات والحيوانات البحرية).
يتم الانتشار وفقًا لدراسة مفصلة تشمل معدل التصريف وتركيز المحلول الملحي وسرعة التفريغ ومدى الانتشار وفترة التشغيل، بالإضافة إلى المعلمات الأخرى المتعلقة بالموقع وهي: قياس الأعماق في قاع البحر والدراسات الأوقيانوغرافية (تضخم، تيار البحر، المد والجزر، سرعة الرياح واتجاهها…”.
برنامج الصّـيانة المبرمجة
كما سلف الذكر، أنّ كل الوحدات الإنتاجية تنتج ماء الشرب حتى في الظروف الجوية الأشد سوءا وقسوة، كما أن في موسم الصيف عند ارتفاع الطلب تكون المنشآت قادرة على تسهيل الإنتاج، وهذا ناتج على تحسّن جودة ماء البحر في موسم الصيف وارتفاع درجة الحرارة تساعد على عملية تحلية المياه، إضافة إلى برنامج الصيانة خارج هذا الموسم لضمان استمرارية الإنتاج.
جودة المياه
بالمناسبة، يؤكّد عبد النور كيموش، أنّ تحلية مياه البحر مطابقة لمعايير المنظمة العالمية للصحة، ولا أثر سلبي لها على صحة المواطن. وتجدر الإشارة أيضًا، إلى أن المياه المنتجة تخضع بانتظام وبشكل دائم لمجموعة من التحاليل الفيزيائية والكيميائية والبكتريولوجي التي تجريها مخابر الوحدات من أجل التأكد من جودة المياه المنتجة قبل شحنها في الشبكة.
من جهتها، تقوم الجزائرية للمياه، بصفتها موزّعًا لمياه الشرب، بإجراء تحليلاتها الفيزيائية والكيميائية للمياه المنتجة من أجل ضمان صلاحيتها للشرب.