أعلنت مديرية الثقافة والفنون لولاية بشار، عن إكتشاف عدد من المواقع الأثرية والمعالم التاريخية الجديدة، معظمها عبارة عن نقوش صخرية تعود إلى فترة ما قبل التاريخ، بالإضافة إلى 4 مواقع أخرى تم إكتشافها من طرف خلية الدرك الوطني لحماية الممتلكات الثقافية، في بلديات القنادسة و عرق فراج وبني ونيف وتاغيت.
550 موقعا أثريا لتدعيم الخارطة السياحية بالولاية
وقامت مديرية الثقافة بالتنسيق مع الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية، بجرد 550 موقعا أثريا و معلما تاريخيا، بـ21 بلدية، بعضها داخل النسيج العمراني وبعضها خارجه، و إدراجها ضمن المواقع المكتشفة، وتم إدخالها في الخارطة السياحية للولاية، وذلك في إطار تبادل المعلومات بين قطاعي الثقافة والسياحة فيما يخص إكتشاف المواقع الأثرية الجديدة وضمها إلى المسار السياحي.
قال مدير الثقافة والفنون بالولاية تركي لحسن، في تصريحه لـ ” التنمية المحلية ” إن هذا العمل تزامن مع تفعيل الإتفاقية المبرمة بين وزارتي الثقافة والسياحة والصناعة التقليدية، مضيفا أن هذا الاكتشاف يعتبر فرصة لتثمين هذه المواقع و التعريف بها في إطار إعادة تنشيط القطاع الثقافي، وجعله قطاعا منتجا لا مستهلكا فقط، ضمن العمل على تجسيد الاتفاقية، مشيرا إلى أن هناك مواقع أثرية أصبحت تابعة إلى ولاية بني عباس، بعد التقسيم الإداري الجديد، لافتا إلى أن العمل جاري على توظيف عدد من الجمعيات الثقافية التي تعمل في حقل الحرف في القطاع الثقافي وإبرام إتفاقيات معها للإستثمار في القطاع وجذب السياح.
من جانبه قال منسق التراث الثقافي بالمديرية نوقال عبد الحميد ، إن الهدف من هذه الإتفاقية هو إستغلال المواقع الأثرية في الجانب الاقتصادي،وأشار إلى أن قطاع الثقافة يحافظ على الممتلكات الأثرية ويرممها ويحميها، ثم يأتي دور قطاع السياحة الذي يقوم بالعمل السياحي داخل هذه المواقع الأثرية والتراثية، لتأتي الجمعيات والحرفيين وتمارس نشاطاتها في هذه المواقع، لاحداث حركية سياحية واقتصادية.
خلية مشتركة لمتابعة المواقع الأثرية
وكشف المتحدث لـ ” التنمية المحلية” أن مديرية الثقافة بصدد إنشاء خلية مشتركة بين قطاعي الثقافة والسياحة، يتم فيها تحديد المحاور التي يمكن إستغلالها محليا بناء على طبيعة المنطقة، وطبيعة نشاطها السياحي والثقافي، ليتم من خلال ذلك وضع خارطة طريق و ٱليات لتجسيدها، تشرف الخلية المشتركة على متابعتها.
تدريب الجمعيات على الإستثمار والترويج
وأضاف المتحدث أن مديرية الثقافة، فكرت في إبرام إتفاقية شراكة مع الديوان الوطني للسياحة باعتباره يمتلك خبرة طويلة و مسيرة ناجحة في الميدان، خاصة فرع ولاية بشار، تتعلق بتنظيم دورات تكوينية لفائدة الجمعيات الثقافية، والأشخاص الراغبين، في مجال الاستثمار والترويج السياحي، حيث يمكن لهؤلاء من ممارسة نشاطهم الاقتصادي والاستثمار، وعرض منتجاتهم للترويج للقاعدة السياحية.
وتابع نوقال: ” نقوم أيضا بالتنسيق مع عدد من القطاعات، منها الشباب والرياضة، وغرفة الصناعة أو الحرف، على اعتبار أن هذه القطاعات تقوم بتنظيم دورات تكوين للجمعيات”، لافتا إلى أن قطاع الثقافة قام من خلال إتفاقية مع الإتحاد الأوروبي بتكوين جمعية محلية، حققت نجاحا في مجال الاستثمار السياحي وأصبحت الجمعية في حد ذاتها عبارة عن مؤسسة مستثمرة، تعتمد على نفسها، و لا تنتظر أي إعانات من الدولة.
طلبات للحصول على تراخيص
أكد نوقال أن المديرية تلقت العديد من الطلبات من طرف أشخاص يمتلكون منازل ضمن الأملاك الخاصة، تتعلق بمرافقتهم من أجل صيانتها أو ترميمها أو تعديلها، لأن أي تدخل تقني لهذه الأملاك الأثرية، حتى وإن كانت خاصة، يجبرهم على طلب المرافقة من قطاع الثقافة، للحصول على التراخيص، وقد تمت مرافقة العديد منهم، ” لأننا حريصين على أن نشجع كل الطلبات التي تأتينا في هذا الإطار، وهذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على الممتلك الثقافي و إستغلاله في الرؤية الجديدة التي تهدف إلى الإستغلال الإقتصادي، بمعنى أننا نضرب عصفورين بحجر، حيث نحافظ على الموقع الأثري، ونجعله رافدا من روافد التنمية، حيث تمكن أصحاب هذه الممتلكات الخاصة، من الحصول على تراخيص، و استغلالها في ممارسة نشاطاتهم”.
وأضاف المتحدث “هناك من خطى خطوات كبيرة في هذا الاطار، و هم الٱن يقومون بالاستثمار في بيع منتجاتهم التقليدية، لذلك فإن الفكرة التي نريد أن نوصلها لهؤلاء هي إستغلال كل ما هو تراثي في الجانب الاقتصادي من خلال اقحامه في الجانب السياحي”.
وأشار نوقال إلى مبادرات جديدة تظهر على شكل طلبات يتقدم بها أصحابها للقيام بصيانة أملاكهم، واستغلالها في عرض منتوجات تقليدية من الحرف والمهارات التي يقومون بها كبيع الفخار واللوحات، وأضاف: ” هذا ما نسعى إليه لأنه ليس لنا فائدة في أن يكون هذا الممتلك الثقافي فارغا، وإنما فائدتنا هي أن تكون في هذا الممتلك روح ونشاط ..”.
ترميم قصور
أشار نوقال إلى أن قطاع الثقافة بالولاية، قام مؤخرا بعدة عمليات تتعلق بترميم وصيانة أجزاء من القصور، حيث تم ترميم أجزاء 9 قصور، في كل من تاغيت، وبني ونيف، و موغل، و واكدة، و القنادسة، و إقلي و بني عباس وكرزاز، وذلك في إطار ترميم الأملاك العامة، لافتا إلى أنه قد تم إشتراط على المقاولين المكلفين بعملية الترميم، أن تكون اليد العاملة محلية، إلى جانب هذا عرفت العديد من الأملاك الخاصة هي الأخرى ترميمات قامت بها بعض الجمعيات، وأخرى قام بها أصحابها عن طريق ما يسمى محليا ” بالتويزة”، حيث تم ترميم جدران و أسقف منازلهم، خلال إنطلاق أوقات عملية الصيانة والترميم .
الإستثمار في مناطق الظل
قال نوقال: ” هناك مناطق نائية تمتلك مقومات أثرية ولديها قاعدة سياحية، يمكنها جذب السياح من مختلف مناطق الوطن، مثل بلدية موغل، لكن لا توجد بها حركية إقتصادية، لذلك نسعى لأن تصبح هذه المناطق أن تصبح وجهة سياحية من خلال ما تمتلكه من موارد و مقومات سياحية وطبيعية و أثرية وتقاليد متنوعة، من خلال تجسيدها في الخارطة السياحية. بمعنى أن السائح لابد أن يعرف بأن هناك موقع أثري في هذه المناطق بالتحديد”.
إلى جانب ذلك نحرص على تشجيع الجمعيات المحلية، لتتمكن من ممارسة نشاطها في هذه المواقع الأثرية، وبعث النشاط فيها، أي عندما يأتي السائح إلى هذه المواقع الأثرية، لا يجد سياحة صامتة وإنما يجد معارض و مهرجانات و حفلات موسمية، كما هو الحال في بلدية القنادسة مثلا نجد في المولد النبوي الشريف عدة طبوع تقام في القصر بما في ذلك الترويج و التعريف بهذه المواقع وأهميتها، من خلال إستغلال كل القنوات الإعلامية وحتى القطاعات المشاركة لقطاع الثقافة، مثل قطاع السياحة، وقطاع الشؤون الدينية، و الديوان الوطني للسياحة، وغرفة الصناعة التقليدية والحرف.
وتابع نوقال: “عندما تجد معالم تاريخية في مناطق الظل، يعني هذا أن هناك قاعدة سياحية، وفضاءات أثرية وثقافية، يمكن تفعيلها وفتحها أمام السياح واستغلالها من قبل الجمعيات الثقافية والأشخاص الطبيعيين، للإستثمار فيها بهدف المشاركة في انعاش الاقتصاد الوطني، من خلال إنشاء متاحف أو مراقد تقليدية على سبيل المثال، وانطلاقا من ذلك يمكننا ارساء مسار تنموي إقتصادي في مجال السياحة”.