شهدت منطقة غرداية يام العطلة الشتوية تدفقا كبيرا للسياح من مختلف مناطق الوطن، تزامنا مع العطلة الشتوية للتلاميذ وكذا عطلة نهاية السنة.
أجمع تجار وحرفيين ممن التقت بهم “التنمية المحلية” أن هذا التدفق للسياح من شأنه أن يساهم في إنعاش حركية قطاع السياحة والقطاعات ذات صلة، خاصة بعد تأثره بالأزمة الصحية الناجمة عن تفشي جائحة كورونا وما فرضته من حصار على قطاع السياحة والصناعات التقليدية، علما بأن هذا القطاع يعتبر مصدر دخل لعديد العائلات في المنطقة.
ويرى مسيرو المنشآت الفندقية بغرداية بأن السياحة الداخلية متنفس المتعاملين في قطاع السياحة بالجنوب، مبرزين أهمية ودور هذه السياحة في الحركية التنموية المحلية، خصوصا ” أن هذه السوق السياحية الداخلية لها أثر واضح في تدارك غياب الزبائن الأجانب، مما يساهم في تحسين رقم الأعمال للناشطين في السياحة والصناعة التقليدية”.
وتعد السياحة الواحاتية سياحة واعدة بالمنطقة، حيث تثير بساتين النخيل الخضراء الواقعة خارج النسيج الحضري بغرداية اهتمام السياح الباحثين عن الأصالة والبساطة الممزوجة بالهدوء والسكينة.
إذ يلجأ عديد الزوار هروبا من ضجيج المدن وزحمة مواعيد العمل، للراحة في مثل هذه المناسبات باختيار أماكن الإقامة السياحية ذات القيم التراثية على غرار البيوت التقليدية الواقعة وسط بساتين من الأشجار والنخيل.
ويفضل العديد من السياح برمجة الوجهة السياحية نحو غرداية بتنوع أماكن الزيارة وتعدد المناظر التي تشعر الانسان بالراحة والسكينة السائدة بهذه المنطقة المعروفة بثرائها الطبيعي وتراثها المعماري والثقافي، والذي تم تصنيفه من قبل المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) منذ 1982 تراثا عالميا، وهذا إلى جانب انتشار واحات النخيل الخضراء التي تتوفر على مرافق إقامة ومنازل تقليدية التي يفضلها السياح على وجه التحديد.
من جهته، ذكر المرشد السياحي “عمي عيسى” أن ” كافة البيوت التقليدية محجوزة منذ منتصف شهر ديسمبر، حيث تتم عملية الحجز عن طريق الإنترنت بمبلغ مالي زهيد قدره 30.000 دج للشخص الواحد للإقامة مدة أسبوع كامل” .
ويبحث السياح القادمين من مختلف ربوع الوطن، مع عائلاتهم عادة عن البساطة والجو الهادئ والمناظر الطبيعية، وبالتالي تشكل البيوت التقليدية في منطقة مزاب ملاذا مفضلا لعشاق السياحة الصحراوية في الفترة الشتوية.
تهيئة بساتين النخيل العائلية وتحويلها إلى مواقع استقبال وإيواء
وبحثا عن إعطاء دفع جديد للسياحة بالمنطقة، يقوم عديد الشباب بتهيئة بساتينهم العائلية وتحويلها إلى مواقع لاستقبال وإيواء بغرض الاستجابة للطلب المتزايد للسياح.
وأشار أحد مسيري هذه الإقامات التقليدية أن هذا التوجه الجديد للسياحة بغرداية يعتمد على البعد الثقافي والبيئي، وأضاف أن السكن التقليدي يشكل أحد عوامل الجذب الرئيسي للسائح خصوصا لما يأتي مع عائلته وأبنائه، حيث أن تلك البيوت تعد محصنة ومبنية من الطوب وتقع وسط الغابات والنخيل، ومزخرفة بأشكال هندسية محلية متنوعة.
ويتوافد السياح سيما العائلات على المنطقة، وكذلك الشباب على شكل مجموعات، وأفواج الكشفية لقضاء أوقات الراحة والاستجمام واكتشاف منطقة وادي مزاب، ومكنوناتها الحضارية.
وتشهد من جهتها المحطة الحموية زلفانة (70 كلم جنوب شرق غرداية) خلال ذات الفترة توافد أعداد كبيرة للسياح وعائلاتهم، بحثا عن الاستمتاع بالمياه العلاجية والترفيه والاستحمام في هذه المنطقة التي تشتهر بحماماتها وواحاتها الخضراء وكثبانها الرملية الذهبية.
وأجمعزائرون من مختلف مناطق الوطن على أن ولاية غرداية تزخر بمؤهلات طبيعية وبثراء الثقافي منقطع النظير جعل منها وجهة سياحية وبيئية رائعة، تنافس العديد من المناطق على المستوى الوطني.
ورغم عديد الصعوبات والنقائص يبذل عديد المتعاملين السياحيين بالمنطقة جهدا لضمان ديناميكية حقيقية للمشاريع العريقة بما يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية للسياحة الوطنية، ويساعد على ترقية الثقافة السياحية، وتطوير مفاهيم السياحية المحلية.