سجلت غرفة الحرف والصناعة التقليدية لولاية البليدة التي يقع مقرها في أولاد يعيش شطب 3839 حرفيا منذ تأسيسها عام 1999، وبحسب الإحصائيات نفسها، 302 حرفيا شطب نفسه سنة 2021.
يتطلب النظام البيئي للنشاط الحرفي والصناعة التقليدية إعادة النظر في القوانين التي تضبطه حتى يسمح للناشطين في المجال بتطوير إنتاجهم وبالتالي الإسهام في تطوير الاقتصاد الوطني برفع نسبة الصادرات خارج قطاع المحروقات، حسب رأي خبراء.
وحول تراجع الحرفيين عن اكتساب بطاقة الحرفي التي تتيح لهم الحصول على امتيازات، يقول سلمان بن دالي رئيس مصلحة بغرفة البليدة : ” أسباب الشطب تختلف من حرفي لآخر، فهناك من يرغب في الحصول على التقاعد وقد يواجه البعض مشكل في الحصول على محل تجاري، وهناك من يتوقف مؤقتا عن العمل لذا يقوم بعلمية الشطب”.
وأبرز المتحدث بأن عدم اتباع الإجراءات الإدارية بعد الحصول على بطاقة الحرفي سيجعل من صاحبها يتحمل بعض الأعباء مثل غرامات تأخير التي تفرضها عليه مصالح الضرائب: ” بعد الحصول على بطاقة حرفي يتوجه صاحبها إلى مصلحة الضرائب في أجل قدره شهر و15 يوم للتصريح لدى الصندوق الوطني للعمال غير الأجراء، وبعد انقضاء هذا الأجل يصبح متأخرا فتطبق عليه غرامات التأخير”.
ارتفاع أسعار المواد الأولية يؤثر على نشاط الحرفي
وأوضح المتحدث : ” نسبة الشطب مقلقة ونرغب في استمرار نشاط الحرفيين لتطور الأداء الاقتصادي، ولأجل هذا نبرمج لهم دورات في التسويق، تسيير المؤسسة، المحاسبة ، وعمليات تحسيسية حول إمكانية الاستفادة من قروض البنوك، وكيفية التعامل مع مصالح الضرائب والصندوق الوطني للعمال غير الأجراء”.
وتابع بالقول: “مهمة الغرفة هي مرافقة الحرفيين لإنشاء مؤسساتهم وتحقيق الاستدامة، ونحن نقوم بعملية الاستطلاع لمعرفة اسباب الشطب للحد منه، فعلى سبيل المثال قدم حرفي متخصص في إعداد صلصة الطماطم لشطب نفسه بعد غلاء المواد الأولية في عز جائحة كورونا، واتضح لنا بأن المتغيرات التي تحدث في السوق غالبا ما تؤثر سلبا على النشاط الحرفي” .
وختم المتحدث : ” نقوم بتوجيه الحرفي ليستخرج بطاقة الجباية، كما يأتي الينا للمشاركة في معرض أو لتغيير الحرفة أو عنوان الحالة المدنية، ويمكن للحرفيين الحصول على قروض لتوسعة النشاط من قبل الوكالة الوطنية لترقية المقاولاتية وهو الأمر الذي كان غير ممكنا في وقت سابق ، ولتأسيس شركة يتوجه الحرفي إلى الوكالة الوطنية للقرض المصغر للحصول على تمويل”
عراقيل إدارية… وتهرب ضريبي
وتقول الحرفية أم سيدو، التي تنتج ملابسا للأطفال بإبرة ” الكروشي” بطريقة تقليدية بأنها واجهت عراقيل إدارية لاسيما مع مصالح الضرائب في البليدة التي طلبت منها إحضار وثيقة بدء النشاط والتي لم تحصل عليها رغم مساع حثيثة قامت بها.
وهذا ما دفع بهذه الحرفية الواعدة التي تقوم بتسويق منتجاتها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، إلى الذهاب إلى غرفة الحرف للقيام بعملية الشطب مع نهاية سنة 2021 المنقضية، على حد قولها.
ويقول أحد مفتشي الضرائب بأن كثير من الحرفيين بحاجة إلى دورات تكوينية فيما يخص التعامل مع الضرائب، وفيما يخص الإعفاءات الضريبية، الموجهة للنشاط التقليدي الفني الذي يكتفي بدفع الضريبة الجزافية المقدرة بـ 10 آلاف دينار سنويا.
ويُصنف الطرز على القماش وصناعة الألبسة التقليدية ضمن النشاط التقليدي الفني، حيث يستفيد أصحاب هذا الاختصاص من الإعفاء الضريبي بشرط تكوين متربصين اثنين، من باب أن الدولة ترى بأن هذه المهن مهددة بالزوال، لذا تريد الحفاظ عليها بتشجيع تكوين الممتهنين فيها. وما يجب الإشارة اليه هو أن غرفة الحرف والصناعة التقليدية لولاية البليدة عرفت خلال السنوات القليلة الماضية تسجيل بين 600 و 700 حرفي سنويا، حسب المتحدث.
في انتظار تحيين مٌدونة الحرف
عرض وزير السياحة والصناعة التقليدية مشروع قانون يتضمن مدونة الحرف أمام مجلس الأمة، شهر ديسمبر المنقضي، لضبط نشاط الحرفيين.
وفي مدونة الحرف، يتم ضبط الأنشطة بدقة، وفي حالة تعذر تصنيف بعض الحرف تقوم لجان التأهيل المختصة في الغرف بإلحاقها بالحرف الشبيهة بها يقول مسؤول الغرفة لولاية البليدة، وبعد صدور المرسوم التنفيذي لمدونة الحرف سيتم تجديد بطاقات الحرفيين وفق القانون الجديد.
وتم إعداد مدونة الحرف بالتشاور مع الغرف لكل الولايات وبهدف مواكبة التغييرات التي تحدث في السوق العمل، ذلك أن هناك نشاطات تصبح غير مفيدة وتأتي ناشطات جديدة لذا سيكون ضروريا تحيين المدونة التي كان أخر تحيين لها في سنة 2011 .
وعن الشروط المتبعة لمنح بطاقة الحرفي يقول سلمان بن دالي: ” إذا كان طالب البطاقة لا يملك على شهادة في التخصص، فهو يمر عبر لجنة التأهيل التي تٌصادق على حيازته للمؤهلات من خلال اعداد محضر، وتٌخضعه هذه اللجنة المنتخبة من قبل الجمعية العامة للغرفة لامتحان وإذا ما نجح فيه يمكنه الحصول على بطاقة حرفي “.
وأشار المتحدث إلى أن بعض الحرفيين يفتقدون للشهادات لكن تتوفر فيهم الشروط للحصول على بطاقة حرفي: ” هناك من يتعلم بعض الحرف عن طريق اليوتوب مثل صناعة الشموع والصابون التقليدي ونقوم بإدماج هذه الحرف الجديدة في المدونة، وفي بعض الحالات الشهادات الجامعية لا تكون مطابقة 100 بالمائة، ولمدير الغرفة سلطة تقديرية لإحالة الحرفي أمام لجنة التأهيل قبل حصوله على الاعتماد”.