حققت ولاية معسكر، قفزة نوعية في الانجازات والتحويلات المائية الكبرى، ضمن برامج إنمائية ضخمة على مدار السنوات الماضية والتي عكست اهتمام الدولة بقطاع الموارد المائية وعنايتها المنقطعة النظير بالسقي الفلاحي وقطاع الفلاحة الاستراتيجي.
لكنها تبقى غير كافية أمام ارتفاع احتياجات المواطنين والقطاعات الاقتصادية خاصة الفلاحة.
استفادت ولاية معسكر في السنوات الماضية من 8 عمليات تنمية كبرى لها اثر بالغ على تحسين نظام التموين بمياه الشرب بداية من مشاريع التنمية المحلية لتجديد أو انجاز شبكات التطهير والمياه ومشاريع انجاز مرافق وتجهيزات حد وتخزين المياه، إضافة إلى أحد أهم العمليات التنموية التي شملت ربط عاصمة الولاية و33 بلدية بنظام تحلية البحر، انطلاقا من محطة المقطع لفائدة 600 ألف ساكن أفاق سنوات 2040، وهو مشروع استهلك نحو13,5 مليار دينار ويهدف في مجمله إلى تحقيق التزويد المنتظم بمياه الشرب على مدار 24 ساعة مع تمديد ساعات التزويد.
زيادة على الأثر البالغ والمباشر لهذا المشروع التنموي المهم على قطاع السقي الفلاحي،حيث سيسمح بتخصيص الموارد المائية السطحية والجوفية لقطاع الفلاحة ورفع القدرات الإنتاجية للقطاع على المستوى المحلي، والمرور نحو توسيع نطاق الأراضي الفلاحية المسقية إلى 30 ألف هكتار على المدى المتوسط، خاصة بعد استكمال مشاريع تأهيل 4 محيطات فلاحية مسقية بالمنطقة.
تموين منتظم لـ66 بالمائة من السكان
يتم بولاية معسكر، تزويد 1006868 نسمة بالمياه الصالحة للشرب عن طريق المياه الجوفية ومياه السدود وعن طريق التحلية بمعدل إنتاج يومي يصل إلى 186745 م3/ يوميا، ويقدر معدل التوزيع اليومي 140059 م3/ يوميا،مقابل احتياجات السكان المقدرة ب 151030 م3/ يوميا، حيث يوفر سد بوحنيفية ما حجمه الف13 م3 من المياه ل 6 بلديات، فيما توفر الآبار والمنابع ما يقدر حجمه بـ64 ألف م3 من المياه لبلديات ومناطق الظل بالولاية، إضافة إلى مياه الماو التي توفر حصة يومية من 110 ألف م3 من مياه الشرب ل 33 بلدية، كما تتوفر وولاية معسكر على 360 وحدة من الخزانات والأبراج المائية بسعة تخزين تصل إلى 210315 م3، وتمثل هذه الأرقام الوضعية المريحة نسبيا لنظام التموين بمياه الشرب على مستوى 47 بلدية،منها 29 بلدية بتراب الولاية التي تشكل 66 بالمائة من الكثافة السكانية، تتزود بالمياه الصالحة للشرب بصفة يومية.
تحديات القطب الفلاحي
تعتزم الدولة استرجاع الصيت الفلاحي الذي تتمتع به معسكر، من خلال تأهيل 4 محيطات فلاحية مسقية مختصة في زراعة الحمضيات، الزيتون، والزراعات الإستراتيجية الواسعة، رغم ما خلفته موجة الجفاف ونقص المغياثية من أثار سلبية أخرت جني الثمار الجليلة لهذه المشاريع، لاسيما من حيث ما سجل من تراجع مقلق لمنسوب مياه السدود الممولة لهذه المحيطات الفلاحية.
وبالنظر إلى مخلفات الجفاف الذي يضرب المنطقة، وبسبب تراجع المغياثية إلى 9،11 مم مقارنة بالسنة الماضية حين تم تسجيل ما كميته 190 مم في نفس الفترة الحالية سبتمبر –نوفمبر، اضطرت الوزارة الوصية على قطاع الموارد المائية إلى التدخل من اجل تخفيف عقبات الجفاف على الإنتاج الفلاحي، من خلال قرار انجاز 6 أبار فلاحية عميقة بمحيط هبرة والترخيص لأزيد عن 400 مستثمر فلاحي بتهيئة أبارهم الفلاحية،في انتظار ما ستجود به السماء من مغياثية تمكن من سدود الولاية الأربعة المتضررة بفعل الجفاف من التعافي.
تراجع مقلق لمنسوب السدود
سجلت مديرية الموارد المائية لمعسكر، تراجعا مقلقا لمخزون مياه السدود الأربعة، بوحنيفية، ويزغت والشرفة وباحتساب سد فرقوق المتوحل تماما، حيث بلغت نسبة امتلاء سدود أدنى حد لها، في حالة نادرة جدا بل لم تعرفها هذه المنشآت الإستراتيجية لحشد المياه وتصريفها للتموين بمياه الشرب والسقي الفلاحي، وقدرت مديرية الموارد المائية لمعسكر نسبة الامتلاء الإجمالية لخمس سدود متواجدة بالولاية 11% بمجموع 22مليون م³ مقارنة بالسنة الماضية أين بلغ مجموع الامتلاء 38مليون م3.
وتعود أسباب تراجع مخزون مياه السدود بولاية معسكر أساساً، إلى عامل الجفاف وشح تساقط الأمطار بالدرجة الأولى، إضافة إلى عامل توحل سدود الولاية وقدمها ما نتج عنه تراجع قدرة استيعابها،وما يصعّب من عملية حشد مياه الأمطار، فبالنسبة لسد الشرفة الذي تقدر طاقته الاستيعابية 83مليون م³ التي تراجعت إلى 70مليون م³، بلغ حجم امتلائه 10مليون م³، في حين بلغ امتلاء سد بوحنيفية الذي خضع لعملية نزع الأوحال،3ملايين م³،مقارنة مع طاقة استيعابه الحالية المقدرة ب 34مليون م³ عوض 70مليون م³ وهي طاقته الحقيقية، إضافة إلى سد فرقوق المتوحل تماما والمبرمج لنزع الأوحال منه.
أما بسد ويزغت الذي يمون سد بوحنيفية ومنه سد فرقوق، لتوفير مياه السقي الفلاحي لمحيط هبرة الفلاحي على مساحة تزيد عن 10الاف هكتار، فظهر مؤخرا في حالة مخيفة جدا ومؤسفة بسبب الجفاف،حيث تراجع مخزون مياه هذا السد الاستراتيجي إلى 3 ملايين م³، وباستثناء الوضعية المؤسفة التي آلت إليها سدود الولاية الأربعة، يتواجد سد واد التحت الجديد الذي تدعمت به الولاية قبل 4 سنوات،في حالة مريحة، وتبلغ طاقة استيعاب سد واد التحت 7ملايين م³، في حين تستوعب هذه المنشأة حاليا نحو5ملايين م³ من المياه، يوجه جزء منها لتموين 35 ألف نسمة على مستوى ثلاث بلديات بمياه الشرب.
ولا يمكن الحديث عن وضعية سدود ولاية معسكر، دون الإشارة إلى وضعية المياه الجوفية المتأثرة هي الأخرى بعوامل طبيعية، وبالرغم من المخاوف التي تحيط بطبقة المياه الجوفية مازالت السلطات المحلية للولاية تضاعف جهودها من اجل الاستغلال الأمثل للموارد المائية المتوفرة عبر 5 حقول للمياه الجوفية بتراب الولاية،تحقيقا للتوازن بين المتوفر من مياه جوفية وبين تلبية احتياجات المواطنين والفلاحين من مياه الشرب والسقي الفلاحي.