تقضي الرمال الزاحفة نحو المناطق السهبية سنويا على مئات الهكتارات الصالحة للزراعة.
من هنا انطلقت فكرة السد الأخضر التي كانت الجزائر من بين الدول السباقة في انجازه خلال سبعينيات القرن الماضي، لما له من فوائد ايكولوجية ونباتية ومناخية الظاهرة منها والباطنة، إضافة إلى ما يفتحه هذا المشروع من أفاق بيئية واقتصادية.
التصدي للتصحر
تعتبر ظاهرة التصحر والجفاف من أهم المشاكل التي تعيق خطط واستراتيجيات التنمية وهي ناتجة في المقام الأول عن الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية.
أكثر من ثلث مساحة اليابسة في العالم معرضة بشدة للاستغلال المفرط والاستخدام غير الملائم للأراضي ويمكن أن يؤدي الفقر وعدم الاستقرار السياسي وإزالة الغابات والرعي الجائر وممارسات الري السيئة إلى تدمير إنتاجية الأرض.
وبالتالي أعلنت الأمم المتحدة يوم التصحر والجفاف 17 جوان رسميا اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف ويتم الاحتفال به لتعزيز الوعي العام بالجهود الدولية وتم الاحتفال به هذه السنة تحت شعار “استصلاح، ارض، تعافي “.
لمحة تاريخية
يعتبر السد الأخضر من اكبر المشاريع في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين.
كان الهدف منه إقامة شريط نباتي إيقاف زحف الصحراء نحو الشمال.
انطلق المشروع فعليا عام 1971 بغرس آلاف الأشجار من الصنوبر الحلبي وكان على عاتق أفراد الجيش غرس معظم أشجاره على طول 1700 كلم تم اختيار الاسم دلالة على فكرته المنبثقة من السد الذي يمنع زحف الرمال نحو المساحات الخضراء.
امتداد السد وإعادة بعثه
يمتد السد الأخضر من ولاية النعامة إلى ولاية تبسة عبر 23 ولاية، وقد بدأت عملية إعادة الاعتبار للسد بعد سنوات من التوقف وتدهور أجزاء كبيرة منه، وهذا بهدف الحفاظ على التوازن البيئي والنظام الايكولوجي ومكافحة التصحر ووضع حد لظاهرة زحف الرمال
تبسة عرضة للتصحر
تعتبر ولاية تبسة من بين الولايات السهبية الأكثر عرضة للتصحر نظرا لموقعها الجغرافي المجاور للولايات الصحراوية تتربع على أكثر من 211 الف هكتار من الغابات.
معظم أراضي الولاية حساسة للتصحر ومن هنا جاءت الحاجة الى برنامج لمكافحة التصحر حيث عمدت محافظة الغابات لولاية تبسة على تسطير برامج قائمة على مكافحة زحف الرمال ومن أهمها توسيع وإعادة الاعتبار للسد الأخضر.
خصوصيات تبسية..
مساحة السد الاخضر عبر اقليم ولاية تبسة 401138 هكتار يمر على 9 بلديات هي بئر العاتر، ام علي، صفصاف الوسرى، الماء الابيض، ثليجان، المزرعة، الحويجبات، سطح قنتيس، العقلة المالحة.
مناخه شبه جاف منخفض يتراوح مقياس التساقطات بين 150و350 مم في السنة. توزع مساحة السد الاخضر على خريطة المناطق الحساسة للتصحر فمعظم مساحته تقع بأراضي حساسة للتصحر يعبر عنه وجود نبات الحلفاء ومنابت الشيح.
في هذا الصدد، كشف محافظ الغابات لولاية تبسة محمد عجيب عواج بأن مصالحه قد شرعت في سلسة من الخرجات بالبلديات التسعة المعنية بالمشروع لتحديد الأصناف التي يمكن غرسها وتحديد احتياجات السكان في هذه المناطق.
تم خلال 10 سنوات الاخيرة شق المسالك لفك العزلة على مسافة 349 كلم وانجاز 239 وحدة للطاقة الشمسية لفائدة الساكنة و1500 متر طولي من السواقي و15 بركة مائية وغيرها من الانجازات لفائدة قاطني هذه المناطق.
مؤشرات اقتصادية وفوائد ايكولوجية ومناخية
بعد تحديد احتياجات الأساسية للسكان في هذه المناطق خاصة المتعلقة بشق الطريق ومياه السقي الفلاحي والطاقة الشمسية فمشروع السد الأخضر يهدف الى تثبيت السكان في أراضيهم من خلال إشراكهم في مسار الإنتاج الوطني، خاصة الفلاحة، فمن خلال تحديد نوعية الأشجار التي يتم غراستها على غرار الزيتون واللوز والفستق الحلبي والخروب والتين الشوكي والتي تستطيع العيش في هذا المناخ ولا تتطلب كميات كبيرة من المياه، بهدف تحسين ظروف العائلات وخلق دخل لها بغرس الأشجار المثمرة بدلا من أشجار الصنوبر الحلبي والكالتوس.
من أهداف انجاز السد توسيع وحماية وتثمين الموارد الطبيعية عن طريق زيادة إنتاج في الأشجار المثمرة التي يصبح الفلاح المسؤول المباشر عنها بعد غراستها من طرف مصالح الغابات وتوفير مناصب شغل الى جانب حمايته للتربة من الانجراف عن طريق تصحيح المجاري المائية. ومن جهة أخرى تحسين المناخ حيث يساهم في خلق مناخ رطب بالمنطقة.
نشاطات عادت الى المنطقة
من خلال توسيع وتثمين الثروة الغابية بالمنطقة تم زيادة نسبة التغطية الغابية وتوسيع المناطق الرعوية بـ1194 هكتار حيث ساهمت هذه المساحة في إنتاج أكثر من مليوني وحدة رعوية تغطي 14328 رأس من الأغنام.
وساهم توزيع وحدات الطاقة الشمسية لبقاء الساكنة بمنازلهم بالمناطق الريفية والمعزولة التي لا يمكن توصيل الكهرباء لها ومن جهة أخرى كان انجاز 15 بركة مائية حافزا لتشجيع الفلاحة وبقاء الفلاح في أرضه واستغلالها في السقي وري المواشي.