يعرف قطاع النقل بتندوف جملة من المشاكل بين تقصير من السلطات المحلية والمصالح المعنية، وتجاوزات لأصحاب المركبات، في ظل غياب تنظيم هذه الخدمة الحيوية للمواطن.
نظم شباب عاطلين أمس الأحد، وقفة احتجاجية أمام مقر الولاية للمطالبة باستلام دفاتر المقاعد الخاصة بسيارات الأجرة بعد اجتيازهم لفترة التربص المحددة قانوناً بمراكز التكوين المهني بالولاية.
الوقفة الاحتجاجية التي انتقلت الى مقر المندوب المحلي لوسيط الجمهورية بتندوف، جاءت عقب مضاعفة مصالح الأمن بالولاية لمجهوداتها للقضاء على انتشار سيارات الأجرة غير الشرعية، بعد ورود شكاوي من طرف سيارات الأجرة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، لتسفر العملية بعد أسبوعين فقط عن حجز 100 سيارة أجرة غير شرعية و وضعها في المحشر.
نقابة سيارات الأجرة كانت قد راسلت والي تندوف والمصالح الأمنية في وقت سابق مطالبةً بالتدخل الفوري و العاجل من أجل وضع حد للظاهرة و تطهير قطاع النقل الحضري من الدخلاء و ردعهم.
تحصي مديرية النقل بولاية تندوف أزيد من 268 سيارة أجرة و 16 شركة سيارات أجرة خاصة بمعدل 22 سيارة لكل شركة تعمل كلها داخل النسيج العمراني لبلدية تندوف و المناطق المجاورة لها، كما تضم حظيرة النقل بالولاية 15 حافلة نقل حضري عمومي و 14 متعامل خاص موزعين على العديد من الخطوط تم فيها مراعاة التوزيع السكاني و بُعد المسافات بين بعض المناطق.
أمام هذا الكم الهائل من وسائل النقل و تنوعها، لا يزال المواطن بولاية تندوف يتطلع الى استحداث خطوط نقل إضافية لتدعيم الخطوط الحالية خاصة في الأحياء الحديثة التي لم يشملها المخطط القديم و توفير المزيد من سيارات الأجرة، حيث أكد بعض المواطنين أن الحصول على سيارة أجرة بعد انتهاء ساعات الدوام قد يكون “ضرباً من المستحيل” خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة و دخول العمل بالتوقيت الصيفي حيز التطبيق بولاية تندوف.
التأطير مضمون، ودفتر المقاعد “لمن استطاع إليه سبيلا”
أكد مدير النقل بولاية تندوف يحي بوشتة أن أزيد من 150 شاب من ولاية تندوف قد استفادوا من التأطير اللازم الذي يخول لهم الحصول على دفتر المقاعد الخاص بسيارات الأجرة ضمن مخطط عمل يهدف الى تأطير 200 شاب.
أضاف المتحدث أن فرص الاستثمار في قطاع النقل بشقه الحضري متاحة للشباب، خاصة في ظل التوسع العمراني الذي شهدته المنطقة، قائلاً بأن النقل الحضري الذي يغطي الأحياء الجديدة تم بموجب تراخيص إستثنائية في انتظار منح الاعتماد الرسمي من طرف بلدية تندوف.
قال بوشتة أن التراخي في تطبيق القانون وغياب الوعي لدى أصحاب سيارات الأجرة و المواطنين على حد السواء، خلق نوع من الفوضى التي أدت الى ضياع الحقوق و دخول قطاع النقل بالولاية في دوامة من المغالطات القانونية.
وأوضح المتحدث أن العديد من الشباب الحاصلين على مشاريع في إطار صناديق الدعم قاموا بتغيير مكان مزاولة أنشطتهم وغادروا الولاية باتجاه ولايات الشمال، في حين وقع البعض الآخر تحت طائلة تطبيق القانون بسبب التقصير في الالتزام بالواجبات المنصوص عليها قانوناً، منوهاً في الوقت ذاته بان سيارات الأجرة بتندوف هي سيارات فردية و جماعية في آن واحد، وهو إجراء مخالف للقانون، مضيفاً بأن خفض التسعيرة الحالية و إخضاع سائقي سيارات الأجرة لفحص طبي لكشف السلامة العقلية بات الخيار المطروح في الوقت الراهن.
وأردف مدير النقل قائلاً بأن الحصول على دفتر المقاعد من عدمه يبقى من اختصاص الوالي، وله السلطة التقديرية في مراسلة الوزارة الوصية لتدعيم الولاية بهذه الوثائق، في الوقت الذي بلغت فيه السيارات المحجوزة منذ تكثيف مصالح أمن ولايات تندوف لمجهوداتها حوالي 100 سيارة أجرة غير شرعية، حسب ما صرح به مصدر أمني.
6 آلاف دينار للسفر مسافة 140 كلم
يشهد النقل العمومي حالة من عدم التنظيم وغياب مواقف محددة لحافلات النقل العمومي، فكل الأرصفة مستباحة لتوقف الحافلات، خالقةً بذلك جواً من الإرباك لدى المواطن الذي اتهم مديرية النقل بالتقصير و عدم مراقبة سائقي الحافلات، في حين حمّل مدير النقل مسؤولية ما يحدث والتوقف الفوضوي، للمواطن باعتباره “المسؤول عن هذه السلوكيات” و ينبغي التبليغ عنها فور وقوعها،
لا يزال مخطط النقل الحضري ببلدية تندوف حبيس الأدراج منذ مجيئ المجلس الحالي الذي عجز عن تطبيقه على أرض الواقع، هذا المخطط الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 من شأنه القضاء على العديد من النقاط السوداء بالمدينة و استحداث خطوط نقل جديدة و إنجاز إشارات ضوئية و مواقف للحافلات تراعي التوزيع السكاني، و هي عوامل عديدة ستساهم بشكل كبير في التخفيف من معاناة المواطنين لو رأى هذا المشروع النور.
في حين، لا تزال معاناة مواطني المناطق النائية متواصلة بين مطرقة بُعد المسافة و سندان ارتفاع تكاليف النقل، فبلدية أم العسل التي تبعد عن عاصمة الولاية بـ170 كلم الى الشمال الشرقي و قرية حاسي خبي (370كلم) الواقعتان على الطريق الوطني رقم 50 تقعان تحت رحمة الحافلات المتجهة لولايات الشمال و التذكرة قد تصل الى حدود800دج. أما قرية حاسي مونير الحدودية التابعة إقليمياً لبلدية أم العسل تبقى الخاسر الأكبر في معادلة النقل العمومي، فسكانها يتنقلون الى بلدية أم العسل أو بلدية تندوف على متن سيارات الدفع الرباعي و “لاند روفر” أو عن طريق سيارات الأجرة غير الشرعية بأسعار تصل الى 6000دج لمسافة لا تتجاوز 140 كلم فقط، أما الحافلة الوحيدة التابعة للنقل المدرسي التي وفرتها بلدية أم العسل بأمر من الوالي لا تزال متوقفة منذ سنوات بسبب عدم مقدرة البلدية على توفير سائق.
يبقى قطاع النقل بالولاية يشهد العديد من المطبّات المتتالية التي تحول دون تحقيق الأهداف المسطرة في أجندة السلطات المحلية رغم المجهودات المبذولة في هذا المجال و متابعة والي الولاية بصفة شخصية لملف النقل أولاً بأول، فعزوف المستثمرين عن ضخ أموالهم في مشاريع النقل الحضري، و تأخر تفعيل مخطط النقل الحضري من طرف بلدية تندوف و استثناء مناطق الظل من سياسة النهوض بالقطاع، حالت دون الوصول الى الغايات المنشودة رغم تخصيص حيز كبير للملف داخل أروقة المجلس الشعبي الولائي. ناهيك عن توسع الشرخ في العلاقة بين نقابة سيارات الأجرة و الادارة و المجتمع المدني أمام تواصل إصرار كل طرف على تحقيق مطالبه والعزف على وتر اللجوء الى التصعيد، لتتواصل بذلك معاناة المواطن الذي يبقى أمله الوحيد توفير وسائل النقل مهما كانت الطريقة.