حدّثني شاب جاء من بسكرة يعرض منتجات طبيعية مستخرجة من التّمور، عن قانون يمنع المستثمر من تصنيع مادة الإيثانول محليّا، ولكن يتيح له رخصة استيرادها بالعملة الصّعبة.
الشاب لم يكن يحمل سوى رغبة واضحة صريحة، وهي إعادة النّظر في القانون، أو تغييره بالكامل، وذلك لكونه قانونا لا يواكب احتياجات المستثمر المحلي، ولا التطور في مفهوم تشجيع الإنتاج خارج قطاع المحروقات، ويحتاج إلى تعديلات شاملة، والجميل في الأمر أنّه قال لي إنّ وزارة التجارة أبدت نيّتها في إعادة النّظر في الأمر.
ويبدو أنّ هذا العمل الجاري لتطوير هذا القانون، بعث عند الشاب والفريق العامل معه أملا، ليكون محفّزا لقطاع الصّناعة الوطنية، ويحافظ في الوقت نفسه على استثمار خاص بما يعود بالنّفع على أعضائه واقتصاد البلاد.
فهو يرى أنّ القانون الذي يشجّع الاستيراد ويمنع التصنيع، ينبغي إلغاؤه، لأنّه لا يحرم فقط المستثمر من عائدات ضخمة لمواد مطلوبة بكثرة في السّوق الوطنية، ولكن يبقي خزينة الدولة في تبعية للأسواق الخارجية، وأنا لا أختلف معه في ذلك، وهو بالتّأكيد على صواب، لأنّه ما جدوى الحديث عن دعم الاقتصاد الوطني ودعوة رجال الأعمال للاستثمار، وقوانين عديدة في كثير من الأحيان تكبّلهم وهي سببا مباشرا في تخلف الإقتصاد وانهياره، وهذا ما لا نرضاه جميعا.
وفي ما يتعلّق بقدرة الإنتاج، فإنّه يقول “إنّ المصنع قادر على إنتاج 3 آلاف لتر يوميا من مادة الايثانول الطّبيعي”، وهذه الكمية يمكن رفعها والاستفادة منها في صناعة مادة الكحول الطبي ومواد التعقيم، وتغطية الطلب المتزايد للمستشفيات والصيدليات في فترة الأزمة الصحية، وتقليص بذلك فاتورة استيراد هذه المادة.
ويمكن الذّهاب بهذا المنتوج الطبيعي إلى أبعد من ذلك، واستهداف الأسواق الخارجية، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي، ويمكن للجزائر أن تكون منافسا وحيدا في إفريقيا وحتى القارات الأخرى، لأنّ بلدين فقط من يقوما بتصنيعه وهما روسيا وإيران.
لا أختلف مع الشاب في ضرورة رفع كل القيود، وإيجاد حلّ لجميع هذه المشكلات، وتوضيح كثير من المجالات التي يمكن الاستثمار فيها، لذلك لابد من العودة إلى الإطار القانوني، والعمل على تفكيك الكثير من المواد المانعة التي فصّلت على مقاس بارونات الاستيراد في فترة ما، وتعديل وإعادة النّظر في القوانين، فهي باختصار مكبّلة ولا تصلح للتّصنيع المحلي الذي يراهن عليه للمنافسة به خارجيا.