تحدّث النائب البرلماني عن حركة البناء ورئيس المجلس الشعبي البلدي السابق لسيدي موسى في ولاية الجزائر، علال بوثلجة عن ورشات كفيلة برفع ميزانيات البلديات، وتحسين أداء المنتخب المحلي، وتحسين المرفق العمومي لتقديم خدمة عمومية أرقى للمواطن.
في رده عن سؤال هل ينحصر استحداث نمط تسيير جديد للبلدية، ذو مقاربة اقتصادية جديدة تدعم تنويع مصادر دخل البلدية، في مراجعة قانون البلدية والولاية، أو يتعداه إلى ضرورة مراجعة قوانين أخرى، وفتح ورشات حول قانون الجباية المحلية والاستثمار مثلا، كشف بوثلجة أنه اطلع على مسودة لقانون الاستثمار، لا تفي بالتطلعات المنشودة، وأن مسودة مشروع قانون الاستثمار ستخضع لمناقشة واسعة فور نزوله للبرلمان، للاثراء والمراجعة.
كيف نحسّن مداخيل البلدية؟
تحدث ضيف مواقع الشعب الإلكترونية عن تحسين مداخيل البلدية بتطوير مصادر تمويل البلدية التي لخصها في مصدرين رئيسيين.
المصدر الأول هو أملاك البلدية من دور سينما، ومسابح، وحضائر، الخ، وجب -حسب رأيه- إعادة الاعتبار لها وتثمينها، للمساهمة في رفع مداخيل البلدية، وهذا يستلزم مراجعة قانون 08-15 لتسوية عقار الدولة. ويضيف أن “رؤساء البلديات عاجزون عن تحيين ايجار العقار لعدم امتلاكهم لعقود العقارات التابعة لبلديتهم، وهذا غير معقول”. لابد من تحيين وتعديل قانون 08-15، بتنصيب لجنة وزارية مشتركة تشرف على الأمر لتسوية وضع العقار وتمكين البلدية من التصرف فيه وتثمينه.
المصدر الثاني المهم في تمويل البلدية هو 22 رسم تحصلها البلدية، تدخل مباشرة في الميزانية المحلية،.
وأشار المتحدث إلى أن قانون البلدية الحالي لا يمنح أي صلاحية لرئيس البلدية لمتابعة رسوم البلدية الموجودة تحت تصرف أمين الخزينة التابع لوزارة المالية.
وفي السياق يقول “اليوم لابد من اطار قانوني تنظيمي يُمكّن من الآمر بالصرف وهو رئيس المجلس الشعبي البلدي، التنسيق مع المسؤول على التحصيل (أمين الخزينة التابع لمديرية المحاسبة لوزارة المالية) لتحسين إيرادات البلدية التي لا يتم تحصيلها بصفة جيدة اليوم.
الأمر الآخر الذي لابد من مراجعته-يقول بوثلجة- هو ورقة حساب الضرائب المباشرة وغير المباشرة التي تدخل في ميزلانية البلدية، وأشار إلى أن قانون المالية 2022 يتضمن اعفاء مؤسسات الإنتاج من الرسم على النشاط المهني، وتخفيض بنسبة 25 بالمائة على المؤسسات الأخرى، وهو ما سيكون له أثر سلبي محسوس على مداخيل البلدية.
بالمقابل تحدث بوثلجة عن تعويض الحكومة هذا الاجراء بجعل الرسم على رفع النفايات المنزلية والعقار من صلاحيات قابض الضرائب، بدلا من أمين الخزينة لتحسين عملية التحصيل وجعلها أكثر فعالية، و”نرجو أن يقدم هذا الاجراء نوعا من التوازن”، يضيف المتحدث.
“وهو توازن صعب سبق ونبهنا له الوزير الأول ووزير المالية، ووزير الداخلية للوقوف على هذا الأمر، حتى لا نرفع من عدد البلديات التي تعاني عجزا ماليا، وعددها حاليا 900 بلدية”، يضيف المتحدث.
“اذا قمنا بتفعيل كل هذه الميكانيزمات في اطار قانوني ستتحسن حتما مداخيل البلدية، لتخفيف الضغط على خزينة الدوية”، يؤكد البرلماني بوثلجة.
مورد بشري كفء وملتزم
في سؤال عن المورد البشري القادر على تحمل مسؤوليات أوسع للمنتخبين المحليين، أشار بوثلجة الى أنه كان ينادي قبل الانتخابات إلى ضرورة اختيار الأجدر، والأجدر هو صاحب الكفاءة والالتزام، هذا لا بد أن يرافقه الرفع من إطارات عمال البلدية.
وأشار بوثلجة إلى أن قانون الانتخابات الجديد أعطى فرصة انتخاب ممثلين محليين بـ 30 بالمائة من حاملي الشهادات، و50 بالمائة شباب، مع ادماج العنصر النسوي.
وهذا يعطي -حسبه- فرصة لطموح شباب واع بمسؤولياته، ومن شأنه تقليل “أخطاء كارثية أدت بمنتخبين محليين لأروقة المحاكم” فعندما نتحدث عن مستوى علمي أكبر نتحدث عن وعي والتزام أكبر”..
وتطرق ضيف مواقع الشعب الإلكترونية أيضا إلى ضرورة تطوير المورد البشري في الإدارة بصفته الأداة التنفيذية للمجلس الشعبي البلدي، ودعا إلى ضرورة استفادة الأمين العام للبلدية ورؤساء المصالح والمديريات، من تكوين على مستوى وزارة الداخلية.
وأعطى بوثلجة مثالا عن فترة ترأسه المجلس الشعبي البلدي لسيدي موسى” في سنة 2012 كانت نسبة التأطير 2.3 بالمائة من عمال البلدية، وبلغت النسبة في نهاية عهدتي 14.5 بالمائة”.
وأضاف “القانون لا يمكن أن يطبق ويتابع من دون مسير كفء، فالاستثمار الحقيقي يكون في الانسان، فمنذ 2013 وأنا انادي بضرورة رفع مستوى المنتخبين المحليين”.
وفي السياق، تأسف بوثلجة أن “معظم قوانينا مستلهمة من الضفة الأخرى، فمنصب رئيس البلدية في فرنسا مثلا هو منصب شرفي وسياسي، أما تسيير المرفق العام فيقع على عاتق إطارات الإدارة”.
“لكن خصوصية الجماعات المحلية في الجزائر هي أن رئيس المجلس الشعبي البلدي هو مسير بامتياز تقع على كاهله مسؤوليات كبيرة لا يمكن تفويضها، فهو من يسير الحياة المهنية للموظفين، وهو من يسير رخص التعمير والبناء، ومسؤول عن الاستشارات القانونية، هو الآمر بالصرف، والمسؤول عن النظافة العمومية، وعلى الصحة العمومية.. وهذا يتطلب كفاءة عالية، والتزام وإرادة”.
من جهة أخرى تحدث بوثلجة عن العراقيل التي يواجهها رئيس البلدية في عمله اليومي قائلا: “يجب أن يعلم الناس أن عمل رئيس البلدية محفوف بالعراقيل، فكثيرا ما نتحدث عن البيروقراطية بين المواطن والإدارة ونتناسى البيروقراطية بين الإدارات نفسها التي تعطل كثيرا عمل البلدية”.
وزارة الداخلية متقدمة جدا في الرقمنة
من جهة أخرى، أكّد البرلماني بوثلجة أن وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، مثال رائد في الرقمنة، “تقدمت بسنوات ضوئية بالنسبة للإدارات والوزارات الأخرى”، على حد قوله. لكن تأسف أن “ذاكرة المواطن قصيرة، حيث لا يقدر حق التقدير هذا التطور الحاصل خاصة في استخراج وثائق الحالة المدنية، الذي كان يخضع منذ سنوات قريبة لإجراءات بيروقراطية معقدة”.
زيادة أجور عمال البلدية
في معرض حديثه تطرق البرلماني بوثلجة إلى ضرورة تقديم حوافز لعمال البلدية والتفكير في رفع الأجور، “لأن أجور عمال البلدية من أضعف الأجور في الجزائر، حان الوقت أن نفكر في شبكة جديدة لأجور عمال البلدية”.
وذكر أنه على سبيل المثال، أنه من غير المعقول أن يتقاضى مهندسا في البلدية أجر 32 ألف دينار، ولهذا تعاني البلدية عجزا في المورد البشري الكفء مثل مهندسين في الاعلام الآلي، أو مهندسين في الأشغال العمومية أو الهندسة المدنية أو الري… الذين يفضلون العمل في مؤسسات أخرى أين يتقاضون أضعاف أجر البلدية.
وأضاف بوثلجة: “نطالب بتحسين الظروف المهنية والاجتماعية لعامل الجماعات المحلية، وثمّنا كثيرا قرار رئيس الجمهورية برفع الرقم الاستدلالي لذوي الدخل الضعيف، والذي تم التكفل به في قانون المالية 2022 ، وهي بشرى خير من شأنها أن تضبط الأمور بشكل أفضل، هذا إضافة إلى مراجعة الضريبة على الدخل الإجمالي”.
ويشير بوثلجة إلى أن تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية لعمال الجماعات المحلية سيكون له حتما أثر إيجابي على نوعية الخدمة والمرفق العمومي.
الدائرة “زائدة دودية”؟
في سؤال عن دور الدائرة التي يصفها الكثير بـ”الزائدة الدودية” وجدوى بقائها في الوقت الراهن، رد بوثلجة أن “الزائدة الدودية يمكن التعايش معها أو استئصالها عندما يصبح وجودها مضر”.
وقدّم البرلماني مقاربتين حول الموضوع، لأنها ورشة مهمة وجب التفكير فيه، بدراسة الدور الحقيقي للدائرة والولايات المنتدبة في التنمية المحلية مقارنة مع المكانة الكبيرة التي تحظى بها مقارنة مع البلدية، وأضاف “لست من المتحمسين لالغائها في الوقت الراهن”.
يري بوثلجة أنه من الضروري فتح ورشة للتفكير في تغيير نمط مساهمة الدائرة في عمل الجماعات المحلية، فكثير من المنتخبين يختصرون دورها في ما يصفونه بـ “صندوق رسائل”، بين البلدية والولاية.
ويرى بوثلجة أن تصويب الأمور يكون إما بتوسيع صلاحيات الدائرة حتى تصبح بنفس صلاحيات الولاية لها سلطة القرار، وتصبح أكثر فعالية، وإما التفكير في حلها وتوزيع إطاراتها على البلديات، حتى تكون علاقة مباشرة بين البلدية والولاية دون وسيط، وهو يرى أن “المقاربتين صالحتين”.
وختم بوثلجة بالقول: “الكثير يتكلم عن تخاذل المنتخبين المحليين، لكن مؤسسة البلدية جزء لا يتجزأ من مؤسسات الدولة، فدور الدائرة هو التنشيط والتنسيق مع البلدية والمتابعة والمرافقة. وفشل البلدية معناه فشل الدائرة والولاية التي لم تقم بدور رقابة ومتابعة الدائرة”. وقال بوثلجة: “عرفنا منذ حوالي 25 سنة عملية ممنهجة للتحامل على البلدية ومنتخبيها، حيث أصبحت البلدية شماعة تعلق عليها إخفاقات هؤلاء وأولئك”.
[…] قال النائب البرلماني عن حزب البناء والتنمية علال بوثلجة، بصفته رئيس بلدية سابق، لدى استضافته لمواقع الشعب […]