يقول محافظ الغابات لولاية تيزي وزو يوسف ولد محند، إن الحرائق المهولة التي شهدتها ولاية تيزي وزو الصائفة الماضية، والتي كبدت الولاية خسائر مادية وبشرية معتبرة، درسا يجب أن نستخلص منه العبر، مشيرا الى ضرورة تضافر كل الجهود من أجل تفادي تكرار نفس السيناريو هذه السنة.
نُظّمت بتيزي وزو أياما التحسيسية يومي 17 و18 ماي، حول الوقاية من مخاطر حرائق الغابات بدار الثقافة مولود معمري، شارك فيها كل من مديرية محافظة الغابات، مديرية الحماية المدنية، مديرية الفلاحة، مديرية الصحة، مديرية السياحة والصناعات التقليدية، مديرية الموارد المائية، مديرية الجزائرية للمياه والديوان الوطني للتطهير، الى جانب السلطات الولائية.
واستدعى هاجس الحرائق والخوف من تكرار سيناريو الصائفة الماضية تنظيم مخطط عمل من أجل الوقاية من حرائق الغابات، حيث دعت السلطات الى ضرورة تكثيف الخرجات الميدانية والحملات التحسيسية للتحضير لموسم الصيف، وضرورة اتخاذ كل الاجراءات اللازمة للوقاية من مخاطر الحرائق.
الحملات التحسيسية انطلقت منذ 11 من شهر ماي وستستمر الى غاية 18 من شهر جوان المقبل، بهدف تحسيس المواطنين من الخطر المحدق بهم جراء ارتفاع درحات الحرارة وامكانيات اندلاع حرائق غابية يصعب التحكم فيها، اذا لم يتم التخطيط لطرق مواجهتها قبل وقوعها، خاصة وان التحكم في مثل هذه الكوارث يعتمد على سواعد مواطنين أثبتوا فعاليتهم ودورهم في تفادي وقوع مثل هذه الكوارث.
وحسب مداخلات مسؤولي المديريات، يرتكز دور المواطن في حملات التنظيف التطوعية، للقضاء على المفارغ العشوائية، التي قد تكون سببا مباشرا في اندلاع الحرائق نظرا لما تحويه من نفايات وغازات محترقة تشتعل بفعل عوامل طبيعية، الى جانب قطع الحشائش والاعشاب الزائدة وحرقها قبل اشتداد درجات الحرارة ودخول الصيف.
وأشار مختصون إلى أن توفر الامكانيات التي تقدمها الدولة لا تكفي لمواجهة مخاطر الحرائق، دون مساعدة مختلف الشركاء الاجتماعيين ومن بينهم لجان القرى التي عليها التحضير لمواجهة الصيف ومخاطر الحرائق من خلال حملات التطوع و التنظيف، الى جانب التفكير في حجز أماكن مخصصة، اجل اجلاء السكان اليهم في حالة الخطر.
ولقيت الحملات التحسيسية التي باشرتها السلطات والجهات المعنية بمختلف البلديات والقرى، استحسان السكان ولجان القرى التي شرعت بدورها في حملات تطوعية وعمليات تنظيف شاملة.
ويؤكد ممثلون عن لجان القرى استعدادهم لمجابهة الوضع ولكن بمساعدة المسؤولين والسلطات التي عليها ان تبرمج مشاريع لانجاز مسالك فلاحية في البلديات التي تفتقر لها، وإتمام المشاريع التي انطلقت فيها، حيث لم تستكمل عديد المسالك الفلاحية انطلقت أشغالها منذ سنوات، وهذا ما يعيق عمل وحدات الحماية المدنية خلال تدخلاتهم لاطفاء الحرائق. إالى جانب اعاقة التدخلات الأولية للمواطنين. انشغال اانجاز مسالك طُرح بشدة خلال هذه الايام التحسيسية لأهميتها في الحد من مخاطر الحرائق.
وشكلت الحملة التحسيسية فرصة لتبادل الاراء، عرض وتقديم مختلف الامكانيات والتجهيزات اللازمة لمواجهة اي طارئ، وإعداد مخططات تدخل لمكافحة الحرائق.
تفعيل الـ “درون” يساعد في التحكم وإخماد حرائق الغابات
من جهته، صرح محافظ مديرية الغابات لتيزي وزو يوسف ولد محند، في مداخلته، أنه ” آن الاوان لتطوير سائل واليات مراقبة اندلاع الحرائق وهذا للتحكم فيها فور اشتعالها من اجل الحد من مخاطرها”. وأشار الى ضرورة تفعيل استعمال كاميرات على متن الطائرات بدون طيار “درون” ومراقبة اندلاع الحرائق عن طريق الجو، من اجل اعطاء صورة ومعلومات أوضح حول الوضع للتكمن من اخمادها في حينها قبل ان تتفاقم. وكشف أن الطرق التقليدية المتمثلة في المراقبة عن طريق أعوان الغابة لم تعد تجدي نفعا كثيرا، خاصة مع تغير الظروف المناخية والانتشار الكبير للحرائق التي تحصد الاخضر واليابس، حيث لم يعد بالامكان التحكم فيها بالطرق التقليدية المعتادة.
وأكّد محافظ الغابات، أنه قدم ثلاثة اقتراحات على اللجنة المشكلة لمتابعة وضع الحرائق، حيث أصر على ضرورة تفعيل تقنية “الدرون”، مشيرا إلى مشروع جزائري سُلم للمركز الوطني للتنمية والتكنولوجية الصناعية، اين سيقوم بدراسة هذا الاقتراح وتفعيله على ارض الواقع. إلى جانب ضرورة تدعيم البلديات والقرى بالإمكانيات اللازمة من أجل مكافحة الحرائق والمتمثلة اساسا في تشكيل فرق اعوان حماية مدنية متطوعيين، ودعمهم بسيارات خاصة مثل السيارات التي زودت بها الحماية المدنية ومديرية الغابات.
اقتراحات محافظ مديرية الغابات لتيزي وزو، محل دراسات من طرف مختصيين سيتخذون القرارات اللازمة من أجل تدعيم القطاع بالامكانيات التي من شأنها ان تحد من مخاطر الحرائق خاصة بعد الفاجعة التي عاشتها تيزي وزو، خلال الصائفة الماضية.
معبري هبوط لطائرات اخماد الحرائق بتيزي وزو
قامت السلطات بتيزي وزو بتجهيز معبر لهبوط طائرات مجهزة لإخماد الحرائق، التي ستوفرها الدولة، وأُنجز المشروع بمنطقة تتوسط ذراع الميزان وولاية البويرة، وينتظر تجهيز معبر آخر بمنطقة السواحل على ان يكون الاختيار بين “تيقزيرت” و “أزفون” الأيام المقبلة، من شأنهما استقبال الطائرات المخصصة لإخماد الحرائق في حالة اي طارئ.
44 بلدية معرضة لخطر الحرائق بتيزي وزو
صرح محمد سكندراوي رئيس مصلحة حماية النباتات والحيوانات بمديرية الغابات لتيزي وزو، انه تم احصاء حوالي 60 الى 70 قرية في 44 بلدية مهددة ومعرضة لخطر الحرائق المهولة من بين 67 بلدية بتيزي وزو. وتتواجد هذه القرى في قلب الخطر، الامر الذي استدعى تكثيف الحملات التحسيسية من اجل الوقاية من مخاطر حرائق الغابات خاصة وان غالبية القرى تتموقع وسط الغابات والاحراش ناهيك عن المفارغ العشوائية المنتشرة في الغابات. لهذا تسارع السلطات إلى التحسيس بالخطر المحدق بها، واتخاذ كل التدابير اللازمة لتفادي تكرار سيناريو الصيف الماضي الذي كان بمثابة صفعة ترسخت في اذهان مواطني تيزي وزو.
تعتبر الحرائق من بين المخاطر العشرة الاساسية المسجلة في بلادنا لما تكبده من خسائر مادية وبشرية، وهذا ما اكده متحدثنا الذي اشار الى ان تيزي وزو لم تعش مثل هذه الكارثة من قبل، وأضاف “يصيف 2021 كان بمثابتة درس استخلصنا منه العبر، ولا يجب الوقوع في نفس الاخطاء مجددا”.
وأشار محمد سكندراوي إلى وضع مخطط وقائي بالتنسيق مع مختلف المصالح والمديريات والبلديات، ولجان القرى والجمعيات، من أجل احصاء الامكانيات المتواجدة من شاحنات، وصهاريج وسيارات.. لتقديم الدعم لمديرية الغابات والحماية المدنية عند الحاجة، الى جانب الامكانيات المتوفرة لديهم من مركبات، سيارات اطفاء، صهاريج مياه، ناهيك الهواتف واجهزة المدياع المستعملة في التواصل وتبادل المعلومات فيما بينهم.
وتبقى الامكانيات المتوفرة حاليا غير كافية حسب متحدثنا، الا ان امكانية التحكم بالحرائق تتوقف على نوعية الحرائق وحجم اضرارها، فهناك حرائق يمكن التحكم بوسائل بسيطة ولكن هناك حرائق تستدعي امكانيات ضخمة، لهذا وجب تضافر الجهود من اجل الوقاية من مخاطرها وهو المفتاح الاساسي لهذه الكارثة والمتعلقة اساسا بسلوكيات المواطنين خاصة خلال موسم الصيف. بداية من حملات التنظيف، الابتعاد عن الرمي العشوائي للنفايات خاصة داخل الغابات، حرق النفايات او الحشائش ومخلفات الحقول، مشيرا الى ضرورة اتخاذ اجراءات قانونية ردعية في حق المخالفين.
وللعلم كانت سنة 2018 من السنوات الاقل تضررا من حرائق الغابات في الجزائر، حيث سجلت 61 حريقا امتد على 140 هكتار فقط.
وتشير الاحصائيات إلى أن السنوات الاخيرة شهدت تغيرا كبيرا في المناخ وارتفاع لعدد الحرائق بمختلف ولايات البلاد. وأتلفت الحرائق 43398 هكتارا بولاية تيزي وزو لوحدها، وهو رقم مخيف لم تشهده الولاية من قبل، حيث أتت على حوالي 92 بالمائة من أراضي خواص.