يطرح فلاحون في كل زيارة تفقدية على المسؤول الأول عن القطاع انشغالات، بغية ايجاد حلول لمشاكل تعيق تطوير النشاطات، خاصة تلك المتعلقة بالعقار الفلاحي.
توجه وزير الفلاحة والتنمية الريفية محمد عبد الحفيظ هني، اليوم الأحد إلى ولاية سوق اهراس في زيارة تدوم يومين، يتفقد فيها مشاريع فلاحية وإنجازات القطاع، ويستمع لانشغالات الفلاحين بالولاية.
وكان الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، عبد اللطيف ديلمي، دعا في وقت سابق إلى ندوة وطنية لتسطير استراتيجية موحدة والخروج بحلول عاجلة لمواجهة شبح الجفاف والتقلبات في السوق الدولية في أسعار المنتوجات الأساسية، ومراجعة قوانين القطاع.
وأشار ديلمي إلى أن أهم مطالب الاتحاد هي فتح سوق العقار الفلاحي من أجل منح فرص اكبر أمام الراغبين في الاستثمار في ميدان الزراعة على وجه الخصوص.
وتعمل السلطات المحلية في مختلف الولايات على تطهير العقار وتهيئة محيطات فلاحية وربطها بالكهرباء الفلاحية لتوزيعها على فلاحين، لوقف ظاهرة الاستيلاء على العقار الفلاحي لانجاز مشاريع عمرانية من جهة والابتعاد عن ممارسة النشاط الفلاحي داخل النسيج العمراني.
وتسعى الحكومة حاليا إلى تحقيق نموذج تنموي جديد وواعد يجعل من القطاع الفلاحي القلب النابض لسياستنا الاقتصادية وبديلاً للمحروقات، من أجل استحداث ثروات لما بعد البترول، ومضاعفة فرص الشغل و روح الابتكار والمبادرة.
مساعي الإصلاح غير كافية
وتعمل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية على إرساء وتطوير الاستثمار الفلاحي وتشجيع حاملي المشاريع بمنحهم عقارات لانجاز مشاريعهم، وتقديم تسهيلات للحصول عليه، عن طريق تطبيق مبدأ اللامركزية على الإجراءات الإدارية -قدر الإمكان-.
وتتكفل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بإنجاز دراسات في محيطات استصلاح الأراضي، وتطهير العقار الفلاحي.
وتشير بيانات الوزارة إلى تنفيذ إجراءات الهيكلية، خاصة في ولايات الجنوب والهضاب العليا، لتشجيع الزراعات الاستراتيجية في هذه المناطق.
لكن تبقى هذه الإجراءات غير كافية في نظر ناشطين بالقطاع، خاصة الفلاحين، حيث يناشد هؤلاء، في كل مرة، السلطات المعنية التدخل الفوري لوقف تجاوزات إدارات محلية والتلاعب بمشاريع استثمارية في الفلاحة، لجعل الفلاحة قاطرة حقيقية للتنمية المحلية، ومصدرا أساسيا لتنويع الاقتصاد، تماشيا مع استراتيجية الحكومة الجديدة.
البداية، مثلما يرى فاعلون في القطاع، تكون باسترجاع الأراضي الزراعية بقوة القانون والتصدّي لكل من يحاول التلاعب بمصير الأمن الغذائي للبلاد باستغلال أراضي زراعية لغير أغراضها الأصلية.
وكان رئيس الجمهورية في لقاء الحكومة- ولاة، أمهل المسؤلوين، في سبتمبر من السنة الماضية مدة 18 شهرا للولاة لتسوية مشاكل العقار الفلاحي والسياحي والصناعي.
أكثر من مليون هكتار لـ140 ألف مستفيد
وأوضح وزير الفلاحة والتنمية الريفية، في حصيلة لعملية تطهير العقار الفلاحي قدمها في جلسة للأسئلة الشفوية بالمجلس الشعبي الوطني بتاريخ 17 فيفري الماضي، أن “عملية تطهير العقارات الفلاحية المتضمنة في كل البرامج متواصلة عبر التراب الوطني”.
وبلغة الأرقام، أشار الوزير إلى منح مساحة اجمالية مقدرة بمليون و150 ألف هكتار لفائدة 140 ألف مستفيد في إطار نظام الحيازة على الملكية العقارية، استرجعت منها مساحات غير مستغلة مقدرة بـ 150 ألف هكتار .
وفيما يتعلق بحق الامتياز، مُنح مليون و600 ألف هكتار لفائدة 36 ألف مستفيد واسترجاع 600 الف هكتار كانت مخصصة لفائدة 3625 مستفيد.
وبخصوص تحويل حق الانتفاع الدائم إلى امتياز، أشار الوزير إلى تسجيل مليوني و234 ألف و262 هكتار، حيث سويت وضعية 155 ألف و500 مستغل للمساحة المعنية المقدرة بمليوني و131 ألف و722 هكتار، واسترجاع 38 ألف و776 هكتار.
وعن الأراضي المستغلة دون سند قانوني، كشف وزير الفلاحة في الحصيلة ذاتها بلوغ مساحتها ما يفوق 150 ألف هكتار.
وقال الوزير إن القانون 326 -10 المؤرخ في ديسمبر 2010 يسمح للفلاحين بالتنازل عن مستثمرات فلاحية في إطار حق الامتياز لفلاحين آخرين، شرط عدم تقسيم المستثمرات الفلاحية بين المستفيدين وإنما العمل على توسيعها.
وبالنسبة للولايات الجديدة، تحدث الوزير عن استرجاع 39 ألف هكتار في إطار الامتياز الفلاحي، و15 الف هكتار في اطار الاستصلاح عن طريق الحيازة على الملكية العقارية الفلاحية بولاية المنيعة.
إعادة النظر في النصوص
في 28 فيفري الفارط، التقى وزير الفلاحة، بأعضاء الأمانة العامة للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، لمناقشة مواضيع تخص القطاع الفلاحي والاقتصاد الوطني بصفة عامة.
ومن بين القضايا التي تم التطرق إليها ملف العقار الفلاحي باعتباره أحد العناصر الأساسية لتطوير الإنتاج الوطني، حيث طلب أعضاء الأمانة العامة للاتحاد بإعادة النظر في بعض النصوص التنظيمية والتعليمات وتحيين بعضها الآخر، من أجل استغلال أمثل للأراضي الفلاحية وتأمين المستغلين الحقيقيين للعقار الفلاحي، طبقا لمبدأ “الأرض لمن يخدمها”.
وطمأن الوزير هني، أن عملية تطهير العقار الفلاحي متواصلة ميدانيا عبر إحصاء الأراضي غير المستغلة والمهجورة، وإعادة النظر في النصوص التطبيقية لقانون 10 -03 المؤرخ في 15 أوت 2010، من أجل استغلال أمثل للأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة، والخروج من نظام استغلال الأراضي في الشيوع والتنازل عن حق الامتياز وعقود الشراكة.
ووافق وزير الفلاحة في اللقاء ذاته، على مقترح تشكيل لجنة مشتركة، تتضمن إطارات من الوزارة وممثلين عن الاتحاد لدراسة كل المسائل المتعلقة بالعقار الفلاحي وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة في الميدان.